هل يحمل القطاع الخاص كتفا مع الملك؟
فهد الخيطان
23-02-2015 01:30 AM
ربما لا يشعر الطلبة المرفّهون في المدارس الخاصة بقيمة ومعنى مبادرة الملك، تنفيذ مشروع التدفئة المركزية للمدارس الحكومية. أبناء جيلنا ممن تخرجوا من مدارس حكومية، يدركون قيمة المبادرة وما تعنيه لمئات آلاف الطلبة المحرومين من أبسط الحقوق.
تخيلوا حال طفل في المرحلة الابتدائية، يجلس لخمس أو ست ساعات على مقعد خشبي بارد، وفي غرفة أقرب ما تكون إلى ثلاجة. بعد حصة أو حصتين، لا تعود تشعر بأطرافك التي تتجمد من البرد، ولا تقوى على الإمساك بالقلم لكتابة كلمة واحدة. ومع مرور الأيام والأسابيع، تبدأ معاناة الصغار وحتى الكبار من التهابات "عضة الصقيع"، وشتى الأمراض الصدرية. فعن أي عملية تعليمية نتحدث في مثل هذه الظروف؛ المعلم وطلبته يكابدون لإنهاء الحصة الدراسية، ومغادرة هذا الجحيم؟!
هذا ليس جزءا من الماضي بكل أسف، وإنما هو حاضرنا أيضا. ففي القرن الحادي والعشرين، ما يزال معظم طلبة المدارس الحكومية، خاصة في المناطق الفقيرة والنائية، يعيشون في نفس الظروف التي عشناها قبل أكثر من ثلاثين سنة.
حاولت وزارة التربية والتعليم، خلال السنوات الماضية، اجتراح حلول جزئية للمشكلة، ووزعت مئات المدافئ "الصوبات" على المدارس، لكنها لم تف بالغرض، وفي كثير من الأحيان لم يكن يتوفر الوقود لتشغيلها.
التجربة هذه أثبتت أن لا حل للمشكلة سوى اعتماد نظام التدفئة المركزية. غير أن هذا الخيار يصطدم بعقبة كلفة التشغيل، وتوفير المخصصات لشراء السولار.
التطور الحاصل في تكنولوجيا الطاقة فتح الباب لمصادر بديلة، أهمها الطاقة الشمسية. ولهذا، طلب الملك من مساعديه في الديوان الملكي دراسة الخيارات المتاحة لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة في المشروع، خاصة الطاقة الشمسية.
الأردن قطع شوطا متقدما في تطوير مصادر الطاقة المتجددة. وقد شرع عدد من الشركات في الاستثمار بهذا المجال، وأصبح بمقدورها إنتاج الطاقة بالاعتماد على أشعة الشمس. وبات هذا البديل متوفرا لعامة الناس في منازلهم، وبالإمكان توفيره للمدارس.
لم يكتف الملك بطرح المبادرة، وتحديد خيارات تنفيذها، بل بادر إلى التبرع بتركيب أنظمة التدفئة المركزية لخمسين مدرسة على نفقته الخاصة، ضمن المناطق الأشد برودة في المملكة.
المشروع كبير ومكلف، وتنفيذه سيكون على مراحل. ومن غير المنصف أن نطلب من الجهات الرسمية تحمل كلفته منفردة. ينبغي على القطاع الخاص أن يحمل كتفا مع الدولة، وهو قادر على ذلك. يكفي أن تخصص البنوك وشركات الاتصالات والتعدين نسبة واحد بالمائة من أرباحها لتنفيذ المشروع في مئات المدارس الحكومية. وبوسع المدارس الخاصة أيضا أن تقدم شيئا في هذا المجال للمدارس الحكومية؛ عن طريق تخصيص نسبة بسيطة من أرباح سنتين، مثلا، للمشروع.
المشروع مثال على الأفكار التي يمكن أن تساهم بشكل عملي في تضييق الفجوة الاجتماعية، والفروق في مستويات التعليم بين المدارس الخاصة والحكومية. وهي مسألة حاسمة في طريق طويلة للارتقاء بالعملية التعليمية.
بعد استشهاد الطيار معاذ الكساسبة، كان سؤال النخب في الأردن يتمحور حول الكيفية المطلوبة لاغتنام حالة التضامن الوطني وتكريسها كمنهج في حياة العامة. تفضلوا أيها السادة، ها هي الفرصة متاحة أمامكم؛ فبمثل هذه المبادرات يتكرس الشعور بأننا أسرة واحدة. الغد