ضرورة وطنية واستحقاق سياسي وإعلامي أن تمتلك الدولة خطاباً ورسالة للأردنيين فيما يتعلق بدورنا ومهمتنا في الحرب على الاٍرهاب وداعش وأخواتها، لا نقصد فكرة الحرب التي أصبحت تحظى بتوافق شعبي بعد انكشاف حقيقة هذا التنظيم، ولا مبدأ العداء للفكر المتطرف والإرهاب، فكل هذا تجاوزناه وأصبح من البديهيات، لكن الرسالة تتعلق بدورنا وحدود ما يجب أن نفعله.
وأول معالم الرسالة أن صدق الأردن في حربه على التطرّف والإرهاب منذ سنوات طويلة لا يعني أن نضع على عاتقنا واجبات وأعباء تتجاوز ما نستطيع فعله، فلا يكون خطابنا وكأننا نحن وحدنا من سيقضي على التطرّف والإرهاب، أو أن يفهم البعض مما تقول الدولة أننا من سيخلص العالم من شرور داعش.
وعلينا أن نفصل في حديثنا بين صدقنا في خوض هذه الحرب وقوة ردنا على استهداف أمننا أو أحد أبناء الأردن وهذا ما كان بعد استشهاد الطيار معاذ، وبين ما يجب علينا فعله تجاه تنظيم يقيم على أراض غير أردنية وفي دول أخرى، تنظيم نعلم أنه أحد أدوات المرحلة التي تسمى الربيع، تدعمه دول وجهات تريد منه أداء أدوار ومهمات تعمق الفوضى في المنطقة، وتزيد عداء العديد من المجتمعات للدين.
نحن نعمل كدولة لاضعاف التطرّف وحربه، لكننا لسنا وحدنا من سيخلص العالم من شرور الإرهاب، ولن نذهب إلى خطاب انفعالي وحماسي لنقول لمواطننا ولمن حولنا أننا سنقضي على هذا الوباء الفكري والأمني.
وعلينا أن نتحدث بحماس عن عدائنا للإرهاب، وبواقعية عما يمكننا فعله، وأن نحدد نصف قطر الدائرة الأمنية والعسكرية والسياسية التي تمثل ما يمكننا فعله، لأن هذه الحرب حرب الجميع، ونار التطرّف تصل إلى كل الدول حتى التي قدمت أو تقدم الدعم بأنواعه لهذا التنظيم، ودول الغرب وأمريكا التي من السهل أن يهزها الاٍرهاب.
ما تحاسَب عليه الدولة من الناس هو الجغرافيا الأردنية وأمن الإنسان الأردني داخل حدودنا، وضمن هذا المفهوم يدخل الجهد الأمني والعسكري الاستباقي لمنع أي استهداف للأرض والإنسان الأردني، وأيضاً مساهمتنا مع العالم في هذه الحرب بحيث يقوم الجميع بواجباتهم، لكن لا نحمل أنفسنا مهمة القضاء على داعش وأمثالها التي تقيم على أراضي دول أخرى وربما تجد في تلك الجغرافيا من أعطاها ويعطيها الأرض بل سلمها الإمكانات العسكرية وربما أرادها عطاء لأهدافه السياسية والطائفية.
ليس مطلوباً منا أن نستنزف الدولة وجيشها وأجهزتها الأمنية في حرب يفترض أن لنا شركاء بها، فنحن نعلم أن هناك من يتمنى أن ندخل في استنزاف يمكنه من العبث في داخلنا، ولنتذكر أن قائمة الأشقاء والأصدقاء فيها من عمل وما زال لإلحاق الأذى بِنَا، وزاد حقدهم بعدما قدم الأردنيون ومليكهم أداء متميزاً في إدارة مرحلة الفوضى والدماء والعبث.
لن نحمل أنفسنا أكثر من واجبنا، ولن نستنزف الدولة ومؤسساتها السيادية في معارك لنا فيها شركاء لا يقومون فيها بواجبهم حتى لحماية أنفسهم. الرأي