من لا يرى فـي التلفزيون فهو غير موجود .. !
عودة عودة
17-02-2015 12:54 PM
(هل نحن على أعتاب بدايات عالم جديد اسمه (عالم التلفزيون).. (عالم الكلمة المرئية والمسموعة في آن واحد، ونهاية الكلمة المكتوبة؟
(من تجربتي المهنية الصحفية كان كثير من الوزراء ومديري المؤسسات الكبرى الحكومية والخاصة ونقباء النقابات المهنية ورؤساء النقبات العمالية وكبار الفنانين والموسيقيين والمعماريين والسينمائيين والشعراء والروائيين وغيرهم.. يسألون مديري العلاقات العامة لديهم سؤالا يتكرر في كل لقاء أو مؤتمر صحفي وقبل بدايته بدقائق: (هل جاء التلفزيون؟!).
(وأذكر أن أحد الوزراء السابقين دعا إلى مؤتمر صحفي حضرته جميع الصحف اليومية والأسبوعية ووكالة الأنباء الأردنية بترا وغيرها وفي الساعة المقررة والمعلنة الثانية عشرة ظهرا..، لكن معاليه الذي انتظرناه أكثر من ربع ساعة لم يحضر ولم يعتذر عن التأخير.. وعندما علمنا أنه يجري لقاء صحفيا مهما قيل أنه مع التلفزيون وقال آخرون إنه مع وكالة صحفية أجنبية وفي إحدى غرف الوزارة...، اشتطنا غضبا من هذا التطنيش الوزاري وانصرفنا هابطين درج الوزارة في جلبة صاخبة وغاضبة غير آبهين بتوسلات مدير العلاقات العامة حينذاك لنا بالتمهل والتريث، وفوق ذلك هاجم كثير من الزملاء الوزير بصحفهم في اليوم التالي وكنت أنا من هؤلاء المهاجمين .
ومع أن هذا الوزير إعتذر وفي رد رقيق ووديع على مقالاتنا وحركتنا الإحتجاجية كهذه بمقالة في غاية الأناقة والتهذيب والأدب الجم والاعتراف بخطيئته إلا أنني علمت فيما بعد أن معاليه كان غير أبه كثيرا من مقاطعتنا لمؤتمره الصحفي ما دام التلفزيون قد أنجز ما كان يسعى إليه وأكثر..
وقبل حوالي ست سنوات استأذنني مخرج برنامج "يحدث اليوم" في التلفزيون الأردني لاستثمار موادي الصحفية المنشورة والتي كانت تدور حول العديد من القضايا المطلبية الساخنة.. وقد اقتضى الأمر في غالب الأحيان أن أكون واحدا من الأشخاص الذين يجري محاورتهم حول الموضوع المطروح للنقاش.
(ما فوجئت به حينذاك وخلال مشاركتي على مدار أكثر من عام في البرنامج التلفزيوني (يحدث اليوم) هذا، أنه كان يقوم كثير من أقاربي ومعارفي والجيران بمهاتفتي في العمل وفي البيت وما بينهما ليعلموني (فقط) أنهم شاهدوني على شاشة التلفزيون؟!،مع العلم أن كثيرا منهم لم يهاتفني ولو مرة واحدة قبل ذلك ولنفس الغاية على الرغم من مرور ما يقارب من ثلث قرن من عملي في مهنة المتاعب هذه لكن في (الصحافة المكتوبة) (قصة أخرى.. وفي العام 93 من القرن الماضي عقد ولأول مرة في عمان المؤتمر العام لمنظمة الصحفيين العالمية والمكان فندق فيلادلفيا وفيما بعد سمي ردسون ساس والآن لاند مارك ... حيث كانت ثمرات هذه التجربة المهنية ثرية ورائعة لي: وقد أجريت وعلى مدى أيام المؤتمر الأربعة لقاءات وحوارات مع العديد من القيادات الصحفية العالمية المهمة والفاعلة أجملها مع رئيس إتحاد الصحفيين في البرازيل ومن جملة ما قاله: (من لا يرى في التلفزيون فهو غير موجود).
(هذه حقيقة.. ولا داعي للمكابرة ودفن رؤوسنا في الرمال ،في أيامنا كنا ننام مع الكتاب وفي هذه الأيام ننام مع التلفزيون.. ما يحدث ليس بعابر أو طارئ لكننا لن نكسر أقلامنا، ولن نعلن على الملأ هزيمتنا مادام في السراج بقية من زيت؟!