يُحكى أن مواطنا اسمه عصفور.. وكان له زوجة اسمها
"جرادة" _ قردنت عيشته _ بتذكيره بفقره، وعليه ان يوفر لها حياة كريمة.
في احدى المرات ذهبت "جرادة" الى السوق وشاهدت احدى السيدات "مشلشلة" بالذهب، وعلمت انها زوجة رئيس المنجمين.. فقالت في نفسها: و"المتقند" اللي عندي بالدار ما يشتغل هالشغلة !!
وبالفعل ذهبت إليه وقالت له: لماذا لا تعمل منجما ؟! فقال لها: هل انت مجنونة، فأنا لا اعلم شيئا عن النجوم، فقالت له: غدا سأذهب الى بيت اهلي ان لم تنفذ ما اقول.. فوافق، واعطته سجادة، وكم خرزة، وقالت له غدا بتبسط في السوق..
ذهب عصفور الى حيث يجلس المنجمون في السوق وقلبه يخفق من الخوف، وتصادف ان زوجة السلطان كانت ذاهبة لشراء ملابس لطفلها الاول، وعندما شاهدت عصفور قررت اختباره.. فأرسلت له احدى الخادمات ومعها دينار ذهب لتسأله: هل مولودها الاول ذكر ام انثى.. نشف دم عصفور، فاول اختبار له مع زوجة السلطان، ولانه _ ملعون حرسي _ نظر الى النجوم، وفكر في اجابة لا تفضحه، فقال للخادمة: ولد وبنت ليس كمثلهما في الارض احد.. فأخذ عصفور الدينار، وذهب لزوجته فرحا، وقال لها دعينا نترك المدينة قبل ان يكتشف امري، ويتم ذبحي، فرفضت زوجته..
في اليوم التالي ولدت السلطانة ولدا وبنتا، وعم الفرح في ارجاء المدينة، وارسلت السلطانة الى عصفور بغلا وألف دينار.. وعندما طرقوا الباب عليه نشف من الخوف، وفتحت زوجته الباب، وقالوا لها هذه هدية السلطانة لصدق توقعات عصفور..
في اليوم التالي، كان السلطان يتناول الطعام في حديقة قصره، وعندما ذهب ليغسل يديه نسي خاتمه على اطراف البركة، فجاءت بطة عرجاء وابتلعت الخاتم الثمين، وشاهدها احد الخدم، وقرر السكوت لحين ان تهدأ الضجة حول الخاتم فيذبح البطة ويأخذه.. جن جنون السلطان بحثا عن الخاتم الذي ورثه عن ابيه، وقالوا له: عليك بعصفور.. بالفعل امر السلطان بإحضار عصفور، وعندما علم بالامر قال لزوجته: دعينا نهرب، فهذه المرة سيتم قتلي لامحالة، ولكنها رفضت.. وحين ذهب الى السلطان، جلس عصفور في قاعة الانتظار، وكان هناك رسومات لبط وطيور، وكان يتأملها عصفور، فشاهده الخادم وقال، يبدو انه عرف اين الخاتم.. فذهب اليه وقال له: ارجوك ان لا تفضحني ان البطة العرجاء ابتلعت الخاتم، وارجوك ان لا تبلغ السلطان انني شاهدتها، وعده عصفور خيرا، وعندما دخل السلطان وسأله عن الخاتم: اجابه بكل ثقة في بطن البطة العرجاء، وبالفعل وجدوه هناك، وذاع صيته، واعطاه السلطان ألفي دينار..
ذهب عصفور الى زوجته وقال لها: لهون وبس.. المرة الجاي سيتم فضح امري لامحالة، وعلينا ان نهرب الا ان زوجته رفضت..
جن جنون المنجمين الذين اخذ عصفور رزقتهم من السلطان، وقرروا ان يكيدوا له مكيدة، وقالوا للسلطان: ان عصفور "غشيم"، وما حصل مجرد حظ، فقرر السلطان اختباره، فاحضر المنجمين، وحينما كان جالسا في المزرعة شاهد عصفور يركض وراء جرادة، فأسرعت الجرادة واختبأت تحت عباءة السلطان، واستطاع ان يمسكها.. فقال احضروا "عصفور" .. وعندما علم عصفور باستدعاء السلطان قال: انا لله وانا اليه راجعون.. وكان على يقين ان الثالثة ثابتة.. وعندما سأله السلطان ماذا يخبئ قال عصفور وهو مستسلم للقدر: لولا "جرادة" ما وقع عصفور.. فجن جنونهم، وفرح السلطان بصدق توقعه، واعدم المنجمين.. وبات عصفور سيد القصر.. من له حظ مثل حظ "عصفور" لا تتوقع في يوم من الايام "يطير"! العرب اليوم