لا يوجد شيء أسمه بضاعه ،ولاشيء اسمه سلعه بل هنالك مفهوم اسمه FAB Technique لمستحضر ، حتى وإن كان ذات الخمار الاسود .
عندما تبيع مستحضراً ما سواء كان دواء، أو سياره أو أي بضاعه ، فأنت لا تبيع المستحضر ذاته ، بل أنت تبيع فكره على شكل ما يسمى في علم التسويق FAB (Feature, advantage, benefit) فأنت تصف المستحضر و مكوناته ، ثم الميزه التي يتمتع بها ، وما الفائده التي تعود على المستهلك النهائي، وهذا هو حال المندوب الطبي الذي يزور الطبيب، الذي يشرح له عن مكونات المستحضر ، و الميزه، و الفائده التي تعود على الطبيب و المريض.
الثوره الفرنسيه عندما قامت ، سواء كانت صحيحه أو غير ذلك ، تبنت أفكار الحريه و العدل و المساواه ، وتم تصديرها من خلال ميزة هذه الشعارات للشعوب ، و بالتالي فائدة هذه الميزه، وقد تم تصديرها و تسويق هذه الافكار من خلال الحروب، وقد تم إستخدام المواد الاوليه، وهي المصادر البشريه للشعوب المسحوقه في أوروبا في ذلك الحين ، واستمرت حروب هذه الافكار و الثورات في أوروبا حتى نهاية الحرب العالميه الثانيه، لتستقر بعدها أوروبا.
هنالك أمثله كثيره في التاريخ على ذلك ، وأنا هنا لست بصدد الخوض فيها أو تحليلها، وإنما اتحدث عن فكرة تصدير الثوره من خلال الافكار .
هذه الثورات غالباً إن لم يكن دائما ، ليست وليدة الساعه ، و ليست داخلية المنشأ، ولا تقوم ذاتياً، بل هناك جهه ما، دوله، أمه، قوميه، تنظيم سري، أو علني، وراء كل ذلك.
الربيع العربي إبتداءاً من تونس وليس إنتهاءاً بسوريا ، لم يكن بريئاً ، ولم يكن ذاتياً أو عفوياً ، بل هو مؤثر خارجي تستفيد منه جهه ما، وهو في حالتنا إسرائيل ، وتم تمريره من خلال الدول و الحكومات الغربيه التي تسيطر عليها إسرائيل ، و التي قامت بدورها بتمرير الثوره( البقره) من خلال دول إقليميه ، مولت، وأستخدمت عناصر بشريه خارجيه و داخليه للتنفيذ، وإستخدمت مواد خام و أفكار ليبراليه ووهابيه ، وظروف ذاتيه وموضوعيه ، و قوانيين وتشريعات وممارسات فاسده، مارستها حكومات محليه، وثقافات دينيه وجهل وتخلف تراكمت تحت بصر و سمع الحكومات المحليه خلال عشرات السنيين .
الثوره الاسلاميه في إيران ، و الثوره الحميريه في سوريا ، و الحرب العراقيه الايرانيه ، وما تلاها لا تخرج عن هذا السياق.
الثورات شأنها شأن البضاعه يتم تصنيعها و حياكتها ، و تسويقها و تصديرها، من خلال مواد خام و مواد مضافه، وأفكار وإعلانات ، وميديا ، والمستهلك النهائي هو الشعب ... القطيع، و المستفيد النهائي شركات متعدده الجنسيات ، و قوه خفيه، لا تظهر للعلن ، وإن ظهرت تظهر على شكل ملاك .
أنا أتفهم تدوير الزوايا، و تربيع الدوائر لدى بعض الاصدقاء، بما يخدم قضيه عادله إعلامياً و معنوياً، وأتفهم شيطنه الملائكه، و ملكئة الشياطين، ولكن هذا لا يغير من الامر شيئاً، ولا ينطلي على فيلسوف فوضوي، لا يفرق بين الشوال الاسود الايراني و السعودي، ولا بين خزعبلات أبو هريره، وهرطقات الكوراني.
الشعوب- القطيع يسير الى أربع ، ولكن الثورات لاتسير الا على خمسه ، أربع القطيع ، وافكار مصنعي الثورات ، ثكلتني أمي إن لم يكن تصدير الافكار و الثورات حقيقيه حقيقيه.