والآن أصبحنا إرهابيين أيضا
باتر محمد وردم
14-03-2007 02:00 AM
بفضل السادة والسيدات نواب الأمة تعرض الوسط الإعلامي الأردني إلى ضربتين موجهتين تسببتا بهزة عرفية بمقياس 9 درجات ريختر ، فلم يكف النواب تثبيت عقوبة الحبس على الصحفيين بناء على أربع تهم مطاطة في قانون المطبوعات والنشر بل قام النواب بتضمين قانون معدل لقانون العقوبات مادة تجرم الصحفيين بتهمة الإرهاب.جعلونا إرهابيين إذن، السادة والسيدات نواب الأمة الذين وصلوا إلى مقاعد البرلمان نتيجة الانفتاح الديمقراطي وحريات التعبير أصبحوا الآن في طليعة المطالبين بقمع حرية التعبير ، وأعتقد بأن مجلس نوابنا الكريم والذي تعلم أصول الديمقراطية من رحلات أعضائه إلى العواصم الأوروبية على حساب خزينة الدولة أصبح البرلمان الوحيد في العالم الذي يتعمد الإساءة إلى حريات الإعلام وهذا إنجاز استثنائي لمجلس النواب الأردني.
الإعلامي الأردني أصبح الآن مهددا بالأشغال الشاقة المؤقتة لمدة تتراوح بين 5 15و سنة وفي محاكمات أمام المحكمة العسكرية ، فقد اجترح السادة والسيدات النواب إبداعا عندما أضافوا مادة إلى قانون العقوبات تتضمن "منع الصحف والمطبوعات من نشر ما يسيء الى الوحدة الوطنية وحريات الاشخاص وكراماتهم والى هيبة الدولة وسمعتها وكرامتها".
وبالطبع يمكن لكل شخص فينا أن يتخيل ما هي آلاف المقالات والأخبار والتحقيقات التي يمكن أن يفسرها عقل عرفي بأنها "مسيئة إلى هيبة الدولة وسمعتها أو حريات الأشخاص وهو ما يعني قضاء مبرما على حرية الإعلام في الأردن.
ربما لن يتم تطبيق هذا البند وربما يقوم مجلس الأعيان مشكورا بالقيام بدور الضابط العاقل الحديث للتشريعات الأردنية ولكن مجرد تفكير السادة والسيدات النواب بهذه الطريقة في سلوك ثأري غير مسؤول ضد الإعلام يجعلنا نحس بإحباط لم يسبق له مثيل حول مصير التجربة الديمقراطية في الأردن من خلال الوضع المؤسف لأهم مؤسسة للتمثيل الشعبي وهي مجلس النواب.
نختلف حول "الدور الحقيقي والافتراضي" لوزارة الإعلام وعلى المرجعيات المؤسسية للإعلام الأردني والتي تعيش حالة تخبط واضحة ولكن أشد أنواع الخطورة هي التشريعات التي تحد من الحريات الإعلامية.
لقد حدث دمار حقيقي للإطار التشريعي للإعلام في الأردن خلال الشهر الماضي فقط وسيحتاج الأمر إلى جهود هائلة لإصلاح هذا الخراب المتعمد ومن الضروري للوسط الإعلامي أن يستفيق من حالة الصدمة ويباشر بهجوم مضاد لاستعادة حقوق الحريات الإعلامية وأن تكوزن الخطوة الأولى هي صمام الأمان التشريعي وهو مجلس الأعيان والذي أثبتت الأيام أنه أكثر ديمقراطية وحداثة والتزاما من مجلس النواب.