مر وقت كان هناك تنافس لدرجة الصراع بين ثلاثة تيارات سياسية تجتذب الشباب العربي، أولها تيار القومية العربية بفروعها الثلاثة: البعث العربي، القوميون العرب، والناصريون. وثانيها تيار الإسلام السياسي بفرعيه :الإخوان المسلمون وحزب التحرير، وثالثها التيار الشيوعي بفرعيه السوفييتي والصيني.
كانت الغلبة في الخمسينات للقومية العربية، حتى جاءت الانقلابات العسكرية والانفصال السوري وهزيمة الخامس من حزيران، فتحمل القوميون مسؤولية الفشل، وتراجعوا إلى هامش الحياة السياسية، وتقدم الإسلام السياسي لملء الفراغ، وبدا أنه الحصان الرابح، وراهنت عليه قوى دولية وإقليمية.
أما الشيوعية فقد تراجعت إلى موقع رمزي بعد انهيار الاتحاد السوفييتي من جهة، وتحول الصين الشعبية إلى النظام الرأسمالي من جهة أخرى.
من وجهة نظر المجتمع العربي التي تبلورت خلال العقود الستة الماضية يصح القول: بكل تداوينا فلم يُشفَ ما بنا.
بعد تراجع جماعات الإسلامي السياسي ممثلاً بالإخوان المسلمين في مصر وسوريا وتونس واليمن، وتحول ما بقي منه إلى الإرهاب كمعركة أخيرة للبقاء، جاء الوقت لكي يعاد إنتاج الاتجاه القومي، فهل تكون القومية العربية هي الحل؟
إمكانيات الإحياء القومي يمكن أن تنطلق من الدولة العربية الوازنة وهي مصر التي تريد أن تلعب دوراً إقليمياً لا يمكن أن يقوم إلا بالارتكاز على القومية العربية.
النظام الوحيد الذي ساد العالم العربي فصمد وما يزال هو القُطرية التي أثبتت أنها حقيقة لا يمكن تجاهلها أو وصمها بالإقليمية، ومن هنا انتهى العداء بين الوطنية القُطرية والقومية العربية فلم تعد العلاقة بينهما هي التناقض بل تكامل الجزء مع الكل.
المشكلة أن الربيع العربي خلط الأوراق، فاختلط الحابل بالنابل. ومع أنه حقق هزيمة عدد من الأنظمة التقليدية الجامدة والفاسدة، إلا أنه لم يفرز حتى الآن لا تنظيماً طليعياً ولا منظرين يرسمون الطريق إلى المستقبل.
في العصر الذهبي الاول للقومية العربية كان هناك قادة فكر قومي من أمثال ساطع الحصري وميشيل عفلق وقسطنطين زريق وجمال عبد الناصر ولكن مكانهم ظل شاغراً وما يزال، فهل ينجب المجتمع العربي الولود قادة ومنظرين جدداً يحملون الراية ويضيئون الطريق. الرأي