إستراتيجية معادلة االشباب والتطرف في الإردن
سامي المعايطة
15-02-2015 08:20 PM
يقوم العمل الشبابي في الأردن على سلسلة من المؤسسات العمل الشبابي وأهمها المجلس الأعلى للشباب والذي يشكل بمثابة وزارة الشباب في الأردن وهيئة شباب كلنا الأردن وهي مبادرة تتبع صندوق الملك عبدالله الثانية للتنمية ومؤسسات مجتمع مدني أهلية مثل إرادة وإنجاز والكثير من مبادارات العمل الشبابي الفردي مما يخلق حالة من تشتت أليات العمل الشبابي واضف اليها مؤسسات العمل الطلابي في الجامعات والأدوات الشبابية الحزبية او الممولة دوليا مما يخلق حالة صعبة من التنافس أمام المجلس الأعلى وقدرته على إستقطابها والتشاركية معها وممارسة حالة الإنضباطية لمفردات والرسائل والأهداف وقدرتها على التأثير .
تفعيل هذه المراكز الشبابية بالبرامج التشاركية لاستقطاب الشباب ومحاربة الآفات المنتشرة بها وتفعيل الكوادر وتأهيل الممكن منها وإعادة هيكلة المجلس تبعا لإحتياجات الشباب وخلق المرونة وقتل البيروقراطية وخلق قيادات مجتمعية شبابية جديدة وإعادة بناء صورة المجلس لدى الشباب وهي الصورة الحكومية الروتينية وبذلك تكون الدولة قادرة على مواجهة أصحاب الأجندات والمؤسسات المانحة ضمن برامج تنخر بنية المجتمع بأشكال مختلفة .
يعد التعامل مع الشباب لأي دولة هو حالة إستراتيجية تعالج الواقع وترسم المستقبل للدولة باعتبار الشباب يشكلو أغلبية المجتمع الأردني نسبة الى عدد السكان واهمية دورهم في الفاعلية والقدرة على التأثير في مجتمعاتهم والوقود الحقيقي لأي حركة تغيير مجتمعي سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وفكريا وتوعويا ، ولما كانت المنطقة عموما والمجتمع الأردنيخصوصا يشهد حالة حراك مجتمعي وسياسي وفكري فإن المنطق يقول بأن الشباب هم عماد الحراك سلبا أو ايجابا وهذا يقتضي من صانع القرار ايلاء الشباب الأهتمام الحقيقي والكافي صمن مسار واعي ينسجم مع رؤية الدولة في الإصلاح والتغيير وقيادة دفة القيادة للشباب الذين يشكلون ما نسبته ستون بالمائة من المجتمع الأردني وتطوير خطاب الدولة من خلال مؤسساتها ليكون خطابا واعيا وإستراتيجي ينسجم مع رؤية الدولة في التعامل مع التعامل مع متغيرات المنطقة والتحديات الحقيقية للشباب الأردني عبر خلق أدوات جديدة وآليات عمل جديدة وهيكلية مرنة قادرة على محاكاة الشباب الأردني وتطور الإعلام الاجتماعي الحديث والإنفتاح الكبير بالإضافة الى حالة الإستهداف المباشر للشباب الأردني من أصحاب الأجندات وإنفاق عشرات الملايين من المؤسسات ذات الأجندة او القوى السياسية ذات الاجندة الخارجية .
ومن هنا فإن التحديات والقضايا التي يجب الوقوف عندها باعداد إستراتيجية شبابية جديدة تقوم على الوقوف على هذه التحديات واهمها :في خضم الحديث المتعدد والكثير عن الإستراتيجيات المتعلقة بالإرهاب والتطرف الموسمي ، والذي يتصاعد مع الأحداث الإقليمية والدولية ،بدور الحديث بأغلبه حول الإطر النظرية والأبعاد الإقتصادية والإجتماعية وغياب العدالة والفقر والبطالة وغيرها الكثير ، نقف في هذه السطور القليلة عند عدة ملاحظات ونقاط تقييم لهذه الأفكار والرؤى بشيء من الواقعية وتقييم الواقع والأدوات والجدية في التعامل مع هذا الملف الحساس حيث :
- تعتبر القواعد الشبابية الواعية والمثقفة أداة إرتكاز للدولة في التعامل مع التحديات الوطنية بمختلف أشكالها سياسيا واجتماعيا وفكريا وإقتصاديا وثقافيا ومن هنا فإن التحدي الرئيسي الذي يواجهة الدولة هو التطرف والفكر المتشدد والعنف بمختلف أشكاله ، ومن هنا يقع على عاتق الدولة واجب إستثمارهم في مواجهة التحديات ولعل من أهمها الفكر التكفيري والمتطرف الذي أصبح خطرا واضحا في الأطراف وبعض مناطق الوسط ، ومن هما تأتي أهمية إدراج هؤلاء الشباب في خطة إعادة تأهيل من تلوثوا بهذا الداء سواءا في الخارج أو في السجون مستفيدين من تجربة الدولة المصرية أواخر الثمانينات حيث يعتبر حوار الأقران الحوارا أكثر جدوى من حوار الأجيال المتباعدة .
وعليه لا بد من الأستفادة من الشباب وبرامجهم التوعوية والتدريبية والتأهيلية وإستثمار رسالة عمان وحوار الحضارات بتعزيز هذه القيم وتكريسها لدى الشباب وهنا تكون التأثير متبادل من حيث المساهمة بتغيير قناعات كثير من حاملي هذا الفكر وتوعية الشباب بخطر هذا الفكر المتطرف عبر برنامج محدد بمضامين وأفكار وجداول زمنية للحوار والعصف الذهني وعرض قصص نجاح للشباب لهؤلاء تنعكس إيجابيا عليهم وخصوصا إذا راعينا المستوى الفكري لهؤلاء الشباب المدربين وقدرتهم على الحوار والتقارب الجغرافي والديمغرافي معهم ، وهذا يبدأ بإشراك المؤسسات بوضع الخطط وإستعداد المؤسسات الشبابية لذلك من خلال :عقد دورات تدريبية للشباب أصحاب الفكر وحملة الشهادات وأصحاب التجارب وتوعيتهم بأخطار هذا الفكر وتدريبهم على الحوار وفيما أعلم أن كثير لديه تجارب ومدرب وعلى مستوى عالي ويتم عقد لقاءات نقاشية وحوارية ، بالإضافو الى إشراكهم بالبرامج التدريبية وحضورهم لعروض قصص نجاح في محاربة الفقر والبطالة من الشباب وبناء الذات وإعداد المشاريع الصغيرة وتأهيل القدرات وهم كثر ، بالإضافة الى الحوار حول رسالة عمان وحوار الحضارات والتغلب على الصعوبات ومهارات الإتصال والتأهيل المجتمعي وثقافة التطوع بإعتبارها من قيم الإسلام وخدمة المجتمع ومحاربة الفراغ وغيرها الكثير من المهارات والبرامج التأهيلية التي تقوم بها المؤسسات الشبابية والرياضية والثقافية وتعزيز قيم الإنتماء الوطني وثقافة القانون ودولة المؤسسات والتعددية ودولة الدستور والحقوق والواجبات ومعاني الدين الحنيف المعتدل وغيرها .
- لا بد من إعادة تقييم المواقف والأدوات ومنهجية التفكير العاملة مع قطاع الشباب بمزيد من العمق بعيدا عن الكلشيهات التقليدية والمفردات المكرورة ، فالشباب اليوم يتحدثون بلغة عصرية متجددة ومتطورة ، ومصادر المعرفة والمعلومة لم تعد تقتصر على الأدوات التقليدية ، وهم بحاجة الى أدوات متطورة وإعادة هيكلة ما هو قائم من مؤسسات ومبادرات وتفعيل كافة أدوات الدولة بطريقة حضارية وبلغة ميدانية والأهم تقديم النماذج الشبابية القيادية التي تلامس الواقع وتنتقل الى الميدان بعيدا عن فنادق الخمس نجوم والوصول الى القرى والبوادي والمخيمات والمؤسسات التعليمية والتعليم التقني من خلال نماذج فعالة وشابة قيادية لتقديم الخطاب الوطني المعتدل والفكر التنويري بشكل مباشر وغير مباشر وإستثمار الإعلام الإجتماعي الحديث بلغة حضارية تعيد بناء المفاهيم والقيم ومعاني الإعتدال ورسالة عمان وأخطار التطرف بكافة أشكاله والعنف بجل صوره ، وهذا بتقديري لا يمكن أن يتم بثقافة التمويل الدولي البحت ولغة المؤتمرات ، لنعترف أن كثير من المؤسسات المانحة تقدم نماذج سلبية حول المفاهيم الوطنية والدينية وقيمنا العربية والإسلامية الحضارية وهي تمارس الضخ الهائل للأموال بقصد أو دون قصد دون رقابة أو توازن وطني وللأسف الكثير من المؤسسات الوطنية تحمل هذه البرامج للمحافظات دون تقييم حقيقي لأثرها المباشر وتشكل إختراقا غير مدروس لمجتمعاتنا وهذا يحتاج الى وقفة جادة من أصحاب القرار بمختلف المستويات .
هناك كثير من الأفكار ولكن تحتاج الى قرار سياسي بإستثمار الشباب في هذا المشروع الوطني والإيمان بأهمية دور الشباب في القيام بمسؤولياتهم ولكن القاعدة الأساسية أن الشباب يحتاجوا الى ثقافة الشباب ولغتهم والإبتعاد عن الأساليب البالية والتقليدية ، ويحتاج الى التعامل معه كأولوية وطنية وضرورة حتمية للمصلحة العليا للدولة الأردنية ضمن إستراتيجيتها المتكاملة .