عمون- أقام منتدى الرواد الكبار في إطار برنامجه «ذاكرة إنسان»، مائدة مستديرة أمس السبت كرم فيها أ.د.محمد عدنان البخيت، حيث قدم شهادته الخاصة، بمشاركة أ.د.هند أبو الشعر، ود.جورج طريف، وذلك في منتدى الرواد الكبار/ أم السماق، بحضور ثلة من الأكاديمين وأصدقاء البخيت، أدارها رئيس اللجنة الثقافية للمنتدى د.فيصل غرايبة، وألقت فيها رئيسة المنتدى هيفاء البشير كلمة ترحيبية. وستنشر أوراق عمل الندوة في كتاب توثيقي لاحقا، كما سعى دوما المدير التنفيذي للمنتدى الشاعر والناقد عبدالله رضوان، الذي يرقد على سرير الشفاء، وهي أول فعالية تقام في برنامجه الثقافي لهذا العام، وسيطرت سيرته على الحضور الذين أشادوا بدور رضوان الثقافي والانساني متمنين له الشفاء.

المؤرخ والمفكر الدكتور محمد عدنان البخيت صاحب الموسوعات والمجلدات العديدة بدأ مشروعه الفكري الأول عن تاريخ مدينة الكرك ، وهو استهلال لمشروع طموح يعنى بالمكان الأردني، وفيه يرى ان التاريخ الحقيقي هو التاريخ المحلي، حيث أخذ في التقصي والبحث عن معالم وعلامات أمكنة عديدة في أرجاء الأردن حتى يتمكن من خلالها من اثبات معلومات تاريخية، ومنها اخذ في دراسة وثائق وسجلات الدولة العثمانية لكتابة تاريخ الاردن ومنطقة بلاد الشام.
في أكثر من مناسبة حثّ البخيت كتاب الدراما على الاستفادة من الوثائق التي تكشف عن وقائع تاريخية، وتضمينها في اعمالهم لانها ستكون ذات يوم مصدرا لتسجيل التاريخ، وظل يتساءل عن اسباب غياب الكثير من تسجيلات الاذاعة والتلفزيون القديمة بحيث اضاعت فرصا ثمينة لمصادر في دراسة التاريخ الاردني.
جاءت انطلاقة البخيت المولود العام 1941 في الحياة العملية ابان عقد الخمسينيات من القرن الفائت، وهو الذي نشأ في قرية ماحص، والتي كانت تفتقد الى مصادر الخدمات والمرافق والطرق انذاك ، بيد ان اصرار والده على تعليم ابنائه مكنه من نيل تعليمه الابتدائي في ماحص، قبل ان ينتقل منها الى الدراسة في بلدة صويلح ثم الى كلية الحسين بالعاصمة عمان.
الدكتور البخيت عاش في فترة شهدت نشاطا حزبيا اخذت فيها الجماعات السياسية تستقطب انصارها من بين الطلاب، حيث كانت ميول الطلبة تتوزع بين طروحات سليمان النابلسي الاشتراكية وافكار محمد عبد الرحمن خليفة الاسلامية مبينا ان من بين الازمات التي عايشها الاردن كان اغتيال رئيس الوزراء المرحوم هزاع المجالي ، وهي الحادثة التي شكلت فارقة في تاريخ الاردن باعتبارها اعتداء على شرعية الدولة.
كما ان حياته في الجامعة الاميركية ببيروت في حقبة الخمسينيات من القرن الفائت امدته بالكثير من العلم والمعرفة والخبرة حيث اطلع على المشكلات السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي كانت تعصف بلبنان ابان عهد كميل شمعون وفؤاد شهاب من خلال صحيفتي الحياة والنهار، وهو ما دفعه الى متابعة افكار رواد افكار العمل القومي مثل قسطنطين زريق ورفاقه , ومن هنا ولدت فكرة انشائه لمجلة تعنى باهتمامات وشؤون الطلبة الاردنيين في لبنان اسماها البترا.
في حياة الدكتور البخيت محطات عديدة اثرت الحياة المعرفية والفكرية منها وقوفه وراء تأسيس جامعة ال البيت في محافظة المفرق التي جاءت بمبادرة من المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه بان تكون هناك جامعة تجمع ولا تفرق بين المذاهب الاسلامية تاخذ النخبة ولا تنزلق الى الاخطاء التي وقعت فيها جامعات اخرى.
البخيت الحائز على شهادة الدكتوراه في التاريخ الإسلامي من اكاديمية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن لديه قناعة ان فترة ما بعد حرب حزيران العام 1967 شهدت عزوفا من الناس عن المشاركة في الحياة السياسية.
يشار الى ان المفكر العلامة المؤرخ محمد عدنان البخيت حائز على وسام الحُسين للتميز والعطاء من الدرجة الأولى وجائزة الدولة التقديرية في حقل العلوم الاجتماعية، وميدالية جامعة أنقرة، وعلى وسام القدس للثقافة والآداب والفنون من فلسطين، ودرع تكريم اتحاد المؤرخين العرب، وترأس اللجنة الدولية التابعة لليونسكو التي أشرفت على إعداد كتاب تاريخ الإنسانية من القرن السابع الميلادي حتى نهاية القرن الرابع عشر الميلادي.