البارحة كان أحد المعقبين على مقال لرؤيا البسام تساءل عن معنى (النشمي ) وعن ثقافة الشيح والقيصوم، وما إلى ذلك ورمز لاسمه ب ( راغب بالمعرفة) استفزني للبحث فوعدته بمحاولة الإجابة.. ولجأت إلى ذاكرة خميس بن جمعة مع بعض المعاجم فكان هذا المقال:
فتحت المعاجم من المحيط إلى الرائد فلم أستبين من مادة (نشم) غير معنيين
الأول: النشم بفتح الشين شجر أغصانه مرنة مطواعة تستخدم لصنع القسي ( جمع قوس)
الثاني: هو النشم أو البقع التي تظهر على جلد الثور فيصبح ثورا (نشما) بكسر الشين.
هرولت إلى لسان العرب فوجدت المعنيين ذاتهما في البداية ولم أستفد من التوسع الذي يذهب إليه عادة صاحب اللسان وذلك لبعد المعاني المطروحة عن التأويل المناسب للبيئة الأردنية والذي أسعى إليه، فالمعاني الأخرى مثل: نشم اللحم أي أصبح ذا رائحة كريهة .. مثلا
وسأكتفي بالمعنيين الأولين لإجراء محاولة تأويلية علها ترشدنا إلى شيء ما.. (مثلا)
إذا ألصقنا ياء النسبة إلى (نشم) الذي هو الشجر المطواع والمرن يصبح النشمي (بفتح الشين.. ثم بتسكينها على عادة العوام) هو الرجل المرن والعامل النشيط مثل الخيزرانة أو غصن شجر النشم، والمجتهد في العمل .. انتبه أن ( النشمي) خاص بالأرادنة وبعض بوادي الجزيزة.. ففي مصر الجدع.. وفي باقي الشام القبضاي .. وفي الخليج (سنع)
في المعنى الثاني إذا أضفنا ياء النسبة إلى (نشم) بمعنى الثور المرقط تصبح اللفظة( نشمي بكسر الشين ثم تسكينها على عادة العوام أيضا) فيكون بذلك ( النشمي) هو أيضا المجتهد كالثور في الحراثة .. والثور مضروب به المثل في الحراثة بالذات .. وهي ليست شتيمة على الإطلاق بل رمز للجد والاجتهاد.. وإن كان العوام نقلوا الرمز إلى الحمار حين أصبحنا في العامية نصف الشغّيل الممتاز بالقول: (فلان حمار شغل)
ولماذا الحراثة تحديدا؟ لأن الثروة الرعوية عندنا في الغالب الأعم ( غنمية وليست بقرية) إذ إن استخدام الثور كان غالبا للحراثة ومن هناك بقي الثور في الأردن مرتبطا ب (النير) والنير خشبة على رقبة الثور أو الثورين يرتبط بها ( عود الحراثة) ومنها ظهرت عبارة.. (تحت نير الاحتلال) ..مثلا .. وظهر المثل الشعبي القائل( مثل اللي بدور (يبحث) على النير .. والنير في رقبته) ويضرب لكل من يبحث عن شيء قريب منه ولا يراه.
وبدمج المعنيين يصبح (النشمي) هو الرجل الشغّيل والحراث كالثور والمطواع والمرن كالخيزرانة.
أما الشيح والقيصوم فهما عشبتان تفيدان في ( مغص البطن) تكثران في الأراضي الرعوية في الأردن.. وهما من أفضل الأعشاب للرعي وإنتاج الحليب ومثلهما البعيثران والشتيلا ...الخ
ومصطلح ( ثقافة النشامى والشيح ..) يعني اختصار وطنية الأردني بأن يكون (حراثا ممتازا كالثور المرقط وكالخيزرانة المرنة يشتغل ولا يتألم ولا يشكو.. وينتج ويعطي ليكون نشميا بجدارة)
وبعد:
هذا اجتهادي القابل للنقض والنقد
وبعد أيضا:
لدي تساؤلات (بريئة) أرجو أن يتسع لها صدر كل المحبين
1- الذي أدخل هذه المصطلحات إلى ثقافتنا هل أراد أن يثبت هذه الصفات لنا بحياد؟ أم أنه يعاملنا بطريقة (( يا الله يا بطل )) وهي عبارة تقال للطفل إذا كلفناه بالذهاب إلى الدكان ليشتري لنا علبة سجائر.. مثلا. ثم نترك له ( باقي الفراطة) فأصبح يقال لنا ( على نفس القياس) يا الله يا نشامى.. احرثوا وانتجوا وسنترك لكم ( باقي الفراطة)... مثلا.
2- الذي أدخل هذه المصطلحات إلى الفن والشعر والغناء مثل قول الشاعر ... ( واكتبي أسماءنا.. نشامى يعشقون الورد لكن يعشقون الأرض أكثر) هل قصد أن (عشقنا للأرض) مثل عشق الثور للحراثة... مثلا؟ ولماذا قال (يعشقون الورد) ولم يقل : يعشقون الشيح؟ هل لأنه رومانسي أم لأنه لا يعرف الشيح بوصفه لم (ينمغص) كثيرا.. مثلا.
ثم: لماذا أطلق ( الشيح والقيصوم) تحديدا (وهما دواء للمغص) كرمز على طبيعة بلادنا؟؟ ولم تطلق ... مثلا..( البزيبزة.. والقعفير .. والضبّح.. والشحوم..والغيصلان..والبصيل..والحيبصون..والقرصعنة .. والكريشا .. والجلبانة .. والبخيرة .. والسيخ .. والحرمل .. والعضو .. وضبية الراعي .. والخبيزة .. واللفيتة(الخردل) .. والتشليبة .. والضريسا .. والفرفحنة .. والبرّيد .. والتشلخ .. والتشبسة .. والحويرنة .. والرقيطة (اللوف) والخوخا.. والخرفيش .. وخرفيش البعارين(العوسج) .. والقنيبرة (البيلسان) ... والشتيللا (تشبه حصا البان).. والحبق.. وغيرها الكثير مما عرفته حين كنت مع خميس بن جمعة (معزبين) في (المشاريق)؟
لماذا الشيح تحديدا؟ هل لأن الافتراض الطبيعي للحرّاث.. مثلا . أنه يصاب بالمغص عندما يرى ما تبقى له من (الفراطة) فيحتاج إلى كأس من الشيح؟ مثلا؟؟
لماذا أريد لنا أن نكون هكذا؟؟
وقد لا أكون أحسنت الربط بين كل عناصر المقال للخروج بالفكرة التي أريد، فليحاول بعضكم ما عجزت عنه .. ولا حدا يراجعني في اللغة لأني مستعجل
وعلى رأي أبو عزيز.. ودمتم سالمين