ذهب الشعب الأردني بعيداً وتفوق على نفسه بالتعبير عن الصدمة التي أحدثتها جريمة داعش بحرق الأسير الأردني حياً، وبذلك يكون الشهيد معاذ قد عاقب داعش بموته أكثر مما عاقبها بصواريخ طائرته، فلم تذهب تضحيته هدراً بل إنه دفـّع داعش الثمن كاملاً وسجل بداية النهاية لهذا التنظيم المارق.
الأردن في حالة حرب، وفي الحرب تحدث خسائر بشرية ومادية يجب أن نكون مستعدين لها، وإذا كان من حقنا أن نصدم، فمن واجبنا أن نصحو، وأن نتحرك بالحساب والعقل وليس بالعواطف الجياشة وحدها.
في الحروب تحدث فظائع: إسرائيل أعدمت الأسرى المصريين في سيناء الذين استسلموا دون قتال، وأميركا دفنت جنوداً عراقيين في خنادقهم أحياء، وعصابات الإجرام في سوريا أعدمت جنودأً لبنانيين مخطوفين لانتمائهم إلى طائفة أخرى، واهتز لبنان ولكن الحياة الطبيعية استمرت.
داعش يجب أن ُتباد لأنها نبت شرير، ولكن القضاء على داعش لا يكون بالغارات الجوية فقط، ولا بالإعلام الساخن. فلا بد من قوات على الارض لا يستطيع أن يقدمها سوى الجيشين السوري والعراقي إذا حصلا على الدعم الكافي.
في اليوم التالي لاستشهاد معاذ أعلنت سوريا استعدادها للتعاون مع الأردن في حرب داعش، ولا نعرف ما إذا كانت سوريا تلقت جواباً. صحيح أن أوباما أعلن قبل سنوات أن نظام بشار فقد شرعيته، وقد يكون ذلك صحيحاً في حينه، ولكن نظام بشار كسب شرعية الصمود لمدة أربع سنوات، في حين انهارت جمهوريات خلال أيام معدودات.
للأردن مصلحة بصمود الدولة السورية، فالبديل هو الدواعش واضرابهم من الإرهابيين، فهل ننتظر نظام داعش والنصرة في دمشق أم نتعاون مع النظام الذي نعرفه وتعايشنا معه أربعين عاماً.
إذا كان النظام السوري غير ديمقراطي فهذه ليست مشكلتنا بل مشكلة الشعب السوري، نحن مع سوريا الدولة، وقد رأينا ما حدث في العراق عندما تم إسقاط الدولة.
أحلام الدولة العثمانية تراود السلطان أردوغان الذي يشتري بترول داعش، ويزودها بالسلاح والذخائر، ويفتح حدوده لشذاذ الآفاق من 80 دولة بعد أن وضع جميع مرافق تركيا تحت تصرف داعش لإسقاط الدولة السورية لحساب الأحلام العثمانية. الرأي