من أتيحت له فرصة الاطلاع على "كاريزما" شخصية رئيس الوزراء المهندس نادر الذهبي، يعرف تماما لماذا اختاره جلالة الملك عبد الله الثاني رئيسا لحكومته، كما سيعرف تماما لماذا وافق على إلغاء اتفاقية إنشاء كازينو البحر الميت، وقبلها بشهر تقريبا، عمم على كافة الجهات الرسمية إظهار مناقب الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في غمرة احتفال البلاد بإحياء ذكرى مولده.
وبين خطط جذب الاستثمار وعدم خدش رسالة عمان، يمضي الرئيس الذهبي في تنفيذ فكر الدولة الهاشمية في الحفاظ على الدين والأصالة وإطلاق العنان للأفكار الخلاقة في استقطاب الحداثة والاستعانة بها لإحداث التنمية الشاملة المطلوبة للوصول بالمواطن الأردني الى بر الأمان الاجتماعي والاقتصادي.
ووسطية الذهبي التي تعبر عن الأساس الفكري والعملي لإستراتيجية الدولة الأردنية، تتعرض في الوقت الحاضر الى محاولة "اغتيال" غير مسبوقة من قبل تيارات محلية تطرفت بعد ان لفظتها الثقافة السياسية الأردنية وجهات خارجية ترفض لرسالة عمان ان تكون ضوء سماحة الإسلام وعظمته عند الآخر.
زوال العباءة عن أفكار سياسية امتطت الإسلام للوصول الى أهدافها، وقدرة الثقافة التنويرية على طرد التدميرية من عقول الناس تدريجيا، فان فراغ عملية الطرد والاستبدال، كان فرصة شعبية للتأمل بان الإسلام للجميع وليس حكرا على احد، والدليل إلغاء تنفيذ مشروع كازينو البحر الميت.
احتكار الدين الذي بدأ يختفي في الساحة الأردنية، تقابله السياسية الرسمية في الوقت الحاضر بإجراء تحولات عاجلة وإعادة هيكلة على مستوى الدولة بما يعزز دورها الاستراتيجي في حماية راية الإسلام من الاختطاف وغرس فسائل ثقافة التنوير والتحديث والمواطنة الصالحة التي لا تنجرف لغير الله والوطن والملك حتى لو تم ريها من ماء الذين أعمونا بثقافة "التحضر" الخالية من القيم.
وحتى ينتقل الإسلام الى الآخر من بوابته الهاشمية، فالمطلوب فريق وزاري قوي في ظهر المهندس الذهبي لتنفيذ ما كلفه به الملك، قادر على استيعاب المرحلة والتعبير عنها، ويملك من الوسائل ما يمكنه من تطويع المستحيل، لتفويت فرصة استغلال "بلاء" ارتفاع الأسعار ممن يهددون بتفجير الاردن ومصر في حال انفجر الوضع في غزة.
وان كانت الحالة تستوجب تعديلا وزاريا عاجلا، حتى يتمكن رئيس الحكومة من استيعاب تداعيات المرحلة، فإنها بحاجة الى اذرع إعلامية على غرار المركز الأردني للإعلام في أيام عزه حينما كان يديره الزميل باسل الطراونة، لمطاردة الطابور الخامس بشفافية المعلومة ودقتها.
التاريخ يثبت حجم الاستهداف الذي يتعرض له الفكر الهاشمي الإسلامي، فالتواضع والاطلاع على "هم" الناس والعمل على توفير الحياة الكريمة لهم، أخلاق "محمدية" لا ترافق إلا من كان الله رفيقه في كل لحظة ومكان.
إلغاء كازينو البحر الميت، أكثر من رسالة، وان كان كسر احتكار الدين إحداها، فان أبرزها ان الحرة تموت جوعا ولا تأكل من ثدييها.
* رئيس تحرير صحيفة الحقيقة الدولية الاسبوعية