في ذكرى الوفاء .. والبيعة
د. سحر المجالي
09-02-2015 07:04 PM
وفاء للرجل الذي بنى هذا الوطن الأردن بهمة وعزيمة الأردنيين، يستذكر الأردنيون في السابع من شباط من كل عام، ذكرى رحيل المغفور له بأذن الله الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه واسكنه فسيح جنانه، والبيعة لوارث العرش الهاشمي جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين -أطال الله في عمره واعز ملكه- الذي نشأ وترعرع في بيئة أردنية عربية إسلامية، بيئة زادها الأيمان بالأمة العربية ووحدتها، وهواءها الإخلاص والتفاني في سبيل مصلحة الأردن وشعبه العربي المعطاء، والعمل من اجل رفعة راية الإسلام والمسلمين.
لقد استطاع الراحل العظيم جلالة الملك الحسين رحمه الله، قيادة الأردن إلى التقدم والسؤدد في لحظة من أدق واخطر مراحل تاريخ الأردن الحديث، فحينما استلم الحسين سلطاته الدستورية في 1952 لم يكن عمره قد تجاوز الثمانية عشر ربيعا، وكان الأردن يعاني من تسلط الأجنبي على إرادة شعبه وقراره السياسي بمعاهدة التحالف الأردنية – البريطانيه ، المكبلة لحريته وحقه في التصرف كدولة ذات سيادة، في حين كانت قيادة جيشه العربي بإمرة الأجنبي الدخيل . أما المحيط العربي فكان يعاني من التمزق والاستقطاب والتبعية للمعسكر الشرقي أو الغربي، وتنهش جسده الخلافات البينية وغياب العمل العربي المشترك والابتعاد عن تلمس قضاياه المصيرية، بعيدا عن الإستقرار والمؤسسية، ممتهناً سياسة الإنقلابات العسكرية وشعاره البيان رقم واحد !!!.
في هذه الظروف العصيبة، قاد الحسين الأردن، فأنهى المعاهدة الأردنية- البريطانية 1957، وعرب قيادة الجيش العربي سنة 1956، وعزز مؤسسية الدولة وتثبيت أركانها، وتعامل مع الواقع الدولي وحربه الباردة آنذاك بحنكة القائد، وخبرة المجرب، وتصميم المحارب، وبعد نظر الحكيم، واستطاع بهمة الأردنيين إخراج الأردن من كل المحن التي تعرض لها. وقاد عملية التنمية بأبعادها المختلفة، سواء السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية.
وبنى مدماك آخر في حياة الأردن والأردنيين، فعزز توجهات الملك المشرع المرحوم جلالة الملك طلال بن عبد الله رحمه الله، أبو الدستور الأردني "1952" والذي يعد من أكثر دساتير العالم المتحضر تقدماً ومؤسسية. وكانت ريادية الملك المؤسس المغفور له عبد الله الأول بن الحسين وطموحاته الوحدوية المشروعة في بناء سوريا الكبرى الواحدة الموحدة وهلالها الخصيب على طريق توحيد الأمة، حاضرة في وجدان الحسين ومسيرته التي استمرت من عام 1952-1999.
واتم المسيرة جلالة الملك عبد الله الثاني بن الحسين، الملك المعزِز، والذي إستطاع خلال ستة عشر سنه ومنذ تولية سلطاته الدستورية، أن ينهض بالأردن، الوطن والشعب والدور، إلى مصاف الشعوب التي يحترمها العالم بأسره، وأصبح رقماً عالمياً في الحراك السياسي، الإقليمي والدولي، وركناً أساسياً من أركان التفاعل الإنساني مع الحضارات الأخرى. وظف كل ذلك لخدمة الأردن وشعبه ومصالحه الحيوية، وواصل الليل بالنهار من العمل الدءوب من اجل الأمة العربية وقضاياها المصيرية سواء في فلسطين أم العراق ام سوريا. ولم ينسى البعد ألعقيدي في نسبه ومشروعية وجوده، فاستثمر الملك عبد الله الثاني علاقاته الإقليمية والدولية من اجل تعزيز الإسلام والمسلمين ودورهم في الثقافة والحضارة العالمية.
لقد استلهم جلالة عبدالله الثاني ما خطط له وبناه الآباء والأجداد، وأضاف العديد من اللمسات الريادية لبناء الدولة والمجتمع، والتي لا يغفل عنها إلا موتور أو غائب للضمير ومغيبه. ففي عهده تواصلت عملية البناء و التنمية، وتجذرت المؤسسية والحياة التشريعية، واستمر الأردن واحة أمن واستقرار وموئلا للعرب كافة.
وفي ذكرى يوم الوفاء للحسين .... نقول: رحم الله الحسين واسكنه فسيح جنانه!!!. وفي ذكرى البيعة لعبد الله الثاني نقول: أمد الله في عمرك واعز ملكك....وحمى الله الأردن والأمة العربية الماجدة.