حقيقة هامة تتعلق بالتنظيم الإرهابي داعش أن كل أعماله ترافقت مع حملات دعائية وتسويق إعلامي أظهره وكأنه «جيش لا يُقهر»، وكان لعمليات القتل والذبح والتشريد التي قام بها دور كبير في صناعة حالة رعب منه تجاوزت حقيقته، وربما غاب عنا أن أي مجرم يستطيع ممارسة كل أشكال التعذيب لأي رهينة سواء بالذبح أو الحرق أو اغتصاب الفتيات أو اطلاق النار على الرؤوس، بل أن ما فعلته بعض المجرمات في مصر قبل سنوات من تقطيع للأزواج، ووضع قطع أجسادهم في أكياس ورميها لا يقل بشاعة عن عمليات الذبح بالسكين لكن الفرق أن جرائم داعش يتم تصويرها ونشرها للناس.
هذا التنظيم يمتلك امكانات وهناك من يدعمه من دول وجهات لكنه حالة قابلة للتفكيك والاختراق وحتى التدمير لبنيته الأساسية، وقبل أيام سمعنا خبراً انهم اعدموا شخصاً سوريا بتهمة التجسس لصالح الأردن، وهو خبر نفهمه ان هناك جهات عديدة وصلت الى داخلهم، ونسمع عن اعدامات يمارسونها بحق اعضاء في التنظيم بتهم الاختلاف او رفض ما تفعله قيادتهم، وحتى «خليفتهم» البغدادي، فإنه أصيب قبل أسابيع وفق ما أعلن التنظيم وهرب من الموصل الى سوريا.
والمشكلة الكبرى التي يواجهها عناصر هذا التنظيم من غير السوريين والعراقيين انهم لا يملكون خياراً إلا الموت، فطريقهم باتجاه واحد، فعودتهم إلى بلدانهم غير ممكنة دون عقوبة، وان حاولوا التمرد قتلهم «اخوانهم!!»، اما حكاية الجنّة عند الله تعالى فهم في داخلهم يعلمون أن الله لم يرسل محمداً عليه السلام لقتل الناس، وان التنظيم يمارس عمله بعقلية العصابة وتُجّار المخدرات.
وما هو متوقع أنه كلّما اشتدت الحملة العسكرية على التنظيم في العراق وسوريا، فإن عوامل التفكيك ستزداد، فالأكراد طردوا التنظيم من مناطقهم، وكوباني هزمت داعش، وبغداد فشلوا في الاقتراب منها، وكلما زادت قوة النار تجاههم في الرقة السورية، كلّما ضعفت قدرتهم على الصمود، لأنهم في الرقة لم يواجهوا عدواً، بل تم تسليمهم اياها ولم يقم النظام بأي جهد ضدهم بل ربما ساعدهم، ولم نشاهد لهم إلا الاستعراضات العسكرية وعمليات ذبح الرهائن الأجانب وقتل من يخالفهم من الناس وأعضاء التنظيم.
مثل هذه التنظيمات حتى وان حاولت تقديم نفسها قوية وذات فكر وعقيدة إلا أنها في حالة الضعف تدخل في أزمات داخلية ما بين أعضاءها من العراقيين والسوريين والعرب والعجم، فالعراقي قد يهرب إلى العراق وكذلك السوري، لكن ما هو الخيار أمام من يحمل الجنسية الأردنية، فيما لو تبعثر التنظيم وكذلك الأجنبي أو العربي من أي جنسية، ولهذا نرى تشدداً منهم وهذا ليس إلا تعبيراً عن خوف في داخلهم من مصيرهم القادم.
وحتى «الخليفة!!» فإنه قد يتحوّل إلى «سلعة» للبيع أو المقايضة من قبل «اخوانه» الذين هم حوله، فقد يتم بيعه كما باع اخوان الزرقاوي قائدهم وقدموا معلومات عن مكانه وتم قتله في حينه، وقد يتم بيعه بقتله لمصلحة دول، فالخليفة لن يكون مثالاً أهم من أسامة بن لادن الذي باعه (اخوانه!!) للأميركان فقتلوه في بيته، أو مثل الزرقاوي الذي باعه (المجاهدون) فتم قتله في بيته، وآخرون كثر باعهم اخوانهم المجاهدون فتم اعتقالهم أو قتلهم، وكلما زادت الخسائر في صفوفهم تحوّلت قياداتهم إلى «سلع» قابلة للبيع والمقايضة. الرأي