بعد هذه الجريمة النكراء البشعة التي أوجعت قلوب الأردنيين وأدمعت عيونهم والتي شكلت صدمة للعرب والمسلمين والعالم بأسره فقد تأكد وثبت أن هذه الحرب التي يشنها التحالف الدولي على «داعش» -هذا التنظيم الإرهابي المجرم والقاتل- هي حرب الأردن وأن مشاركة الطيار الأردني معاذ الكساسبة في المهمات القتالية ضد هؤلاء المتوحشين هي دفاع عن الشعب الأردني وعن أطفاله وهي دفاع عن الإسلام العظيم الذي شوه صورته هؤلاء كما كان شوه صورته «القرامطة» و «الحشاشون» و «الخوارج» .
وخلافاً لما كان ينتظره «المُنْدسون» بين صفوفنا فقد أثبت الشعب الأردني تماسكهُ وأثبت أنه يدرك كَمْ أن هؤلاء «الحشاشين» الجدد أساؤوا لديننا الحنيف والأديان السماوية كلها وكم أنه علينا نحن هنا في الأردن أن نعزز مشاركتنا في الحرب على «داعش» وعلى كل هذه التنظيمات الإرهابية التي تكاثرت في منطقتنا تكاثر الأعشاب الشيطانية والسبب هو تآمر البعض وتراخي البعض الآخر وهو أيضاً أن هناك من يشكل غطاءً لهؤلاء بتبرير جرائمهم وأفعالهم الشائنة المرفوضة دينياً وأخلاقياً وإنسانياً.
الآن وقد أصاب «قرامطة» هذا الزمن قلوب الأردنيين بجراح عميقة راعفة فإنه لم يعد هناك أي مجالٍ للمواقف الضبابية وإنه لم يعد مقبولاً أن نتلعثم بالكلام فالأمور غدت واضحة وضوح الشمس فإما هنا أو هناك وإما مع «داعش» والإرهاب أو مع الذين يدافعون عن القيم النبيلة وعن الإسلام العظيم وصورته الناصعة وعن وسطيته وتسامحه واعتداله وعن العرب والأمة العربية المحاصرة الآن من قبل «الشعوبيين» الذين يسعون لذبحها من الوريد للوريد .
الشعب الأردني يطالب الآن «الإخوان المسلمين» تحديداً بموقف واضح وحاسم ولا لبس فيه فإما مع «داعش» وإما عليها وإمَّا أن يستمر هؤلاء بمواقفهم الملتوية ويستمروا باللجوء إلى المبررات غير المقبولة إطلاقاً للدفاع عن هذه الوحوش البشرية فإن هذا غير مقبول وإن هذا سيضع «الإخوان» والإرهاب ليس في دائرة واحدة وإنما في خندق واحد.
إن مبرر أنه لا يجوز القتال ضد «داعش» بمشاركة الولايات المتحدة لم يعد مقبولاً وهو مبرر كاذب ومخادع والدليل هو أن الإخوان المسلمين اُستقبلوا قبل أيام قليلة في واشنطن وأنهم رفعوا أكفهم بإشارة «رابعة» في ردهات الخارجية الأميركية ..إنَّ هذا عذر أقبح من ذنب وإنه على هؤلاء، بدل ظُهورهم الخجول والمخجل بعد جريمة حرق ابن الأردنيين كلهم الطيار البطل معاذ الكساسبة، أن يعلنوها صريحة ومدوية فإما مع هذا التنظيم الإرهابي المجرم وإما مع الشعب الأردني ومع العرب والمسلمين ومع الإنسانية بأسرها .
غير مقبولة هذه التصريحات التي أطلقها بعض قادة الإخوان المسلمين والتي مثلها مثل بيانهم الذي يمكن وصفه بأنه «مسحوب الدسم» وأنه كئيب ومتأرجح وأنهم لم يشيروا فيه إلى إدانة «داعش» ولو إشارة خفيفة.. إنه لم تعد هناك إمكانية للضحك على الذقون ولا للتملص والتلاعب بالمفردات.. إن المطلوب هو موقف واضح فإما هنا وإما هناك إما مع هذا التنظيم الإرهابي وإما مع الجبهة التي تقاتل ضده.. إن «الإخوان» باتوا يقفون على مفترق طرق فإما في هذا الاتجاه أو ذاك.. إن الشعب الأردني يطالبهم بموقف واضح لا ضبابية ولا غموض فيه.
(الرأي)