شركات قروض أم بورصات جديدة
طلال الخطاطبة
03-02-2015 03:19 AM
يحتار المرء و هو يُقلّب بالمحطات الفضائية الإعلانية عندما يرى هذا العدد الهائل من شركات فاقت حاتم الطائي بكرمه بإغاثة الملهوف، و معن ابن زائدة في حِلمه على المحتاج. تتسابق هذه الشركات في الإعلان عن قروض أشبه ما تكون بالمنح للطفارى و محدودي الدخل من الأردنيين؛ و أتخيل من رقتها و حِنّية عباراتها أن من صاغها ربما رش عليها بعض الدموع على طريقة غوار بمسرحية غربة عندما رش دموعه على الاستدعاء الذي نقشه لمواطن يشكو همه للحكومة. كرمٌ أشبه ما يكون بالحلم.
سألت نفسي و من أعرف من الأصدقاء على الفيس بوك عن هذه الشركات، فارتفعت أصواتهم بالتحذير منها باعتبارها التفاف على دخل المواطن كما أشاروا. بل أن أحدهم أشار إلى أن هذه الشركات تبادر بالاتصال بالمتقاعدين لإقناعهم بأخذ القروض منها؛ و قال آخر بأنهم يطلبون رسوماً ماليه مقابل دراسة جدوى لمشروع محكوم عليه بالفشل و تكون النتيجة أن المشروع غير مجدي و يذهب رسم الدراسة في مهب الريح. فظاهر الأمر دراسة جدوى و الحقيقة غير ذلك كما جاء بتعليقاتهم.
أنا لا أتهم أحداً و لكني أستغرب ما أشاهد على المحطات. أنا أسمع هنا عن شركات تمويل يذهب اليها الشخص فيحصل على قرض تمويلي لشراء سيارته أو مشروعه مقابل نسبة فائدة معينة؛ و لم نسمع أو نقرأ لهذه الشركات هذا الكم من الإعلانات الملفت للنظر؛ و هي شركات معروفة و لها أسهمها في السوق المالي للتداول. و بالمناسبة لا أمانع طبعا في أي عمل استثماري للمال؛ فصاحب المال يهمه تنمية ماله و زيادته، و لكن المطلوب هو الانتباه لما يجري طبعا على الساحة الأردنية.
و إذا أضفنا بُعداً آخر للقضية و هو أن الفئة المستهدفة التي يسعى أصحاب هذه الشركات للوصول إليها هي فئة المتقاعدين المدنيين و العسكريين الذين غالباً ما يكونوا بضائقة مالية من أول يوم بالتقاعد لاختلاف مستوى المعيشة بعد التقاعد، فتزغلل عينيه بقرض محترم يصرفه هنا و هناك كتهيئة لمشروع كان برأسه ويتبخر بعد أن يكتشف أن ما أخذه من مال لا يكفي للمشروع. و بالمناسبة لا أدري إن كانت هذه الشركات توفر الخبرة لمساعدة المتقاعدين بمشاريعهم. فيفقد المتقاعد القرض و راتبه و نجده يستغيث بعد ذلك و وينك يا حكومة.
و قد كان لفتَ نظري من سنوات إعلانات أخرى قبلها تقول " قطعة أرض بكوشان لأغراض التقاعد العسكري"؛ و هذه بحد ذاتها كما أفهمها أن يشتري كوشان أرض لا يعلم إلا الله مكانها ليحصل على قرض الإسكان العسكري، و لا أدري أن كانت مثل هذه الكواشين ذات فائدة لهم. طبعاً ربما كانت تسهل ذلك و لولا هذا لما بقيت طيلة هذه المدة موجودة لغاية الآن.
يدور بالرأس ألف سؤال و سؤال حول هذه الشركات إن كانت شركات تمويل مهنية أم أنها مشروع جديد لبورصات جديدة باسمٍ جديدٍ!! و ما هو دور الحكومة في مراقبة هذه الشركات؟ فهل ستكتفي الحكومة بموقف المتفرج؟
سمعتُ بأيام البورصة (تنذكر و ما تنعاد) من دولة السيد نادر الذهبي بمجلس النواب أن الحكومة لم تتدخل بالبورصات لأنه لا يوجد شكوى من المواطنين. لكن طبعاً ما زالت الحكومات المتعاقبة متأثرة بنتائج تلك البورصات؛ و قرأنا أن أحدهم حُكم الأسبوع الماضي بالسجن؛ و لا أعرف عن حجم التعويضات التي نالها المتضررون إن وصلهم شيء من هذا القبيل.
لا أؤمن بمقولة أن القانون لا يحمي المغفلين من النصابين. فلماذا وُجد القانون إذاً؟ هل يجب أن يحضر المتضرر للمحكمة كامل الأوراق بحيث يكون دور المحكمة النطق بالحكم فقط؟ إن على الحكومة دوراً كبيراً و هي صاحبة الولاية العامة أن تنتبه لهذه الشركات لتصوب أوضاعها إن كان في هذه الشركات ما يشير إلى شيء قريب من البورصات. أنا لا أفترض سوء النية بالشركات و لكن الحذر واجب، و حماية المواطن الغلبان و الشركات من طمع الجشعين فرض عين على الحكومة.
بصراحة ما يتناقله المواطنون من شكوكٍ حول هذه الشركات يثير القلق و نسأل الله السلامة؛ فالوطن ليس بحاجة لإزمة جديدة.
#الحرية_لمعاذ_الكساسبة