الإرهاب الديني في العالم .. و القاعدة الكبرى ..
أروى الجعبري
03-02-2015 03:18 AM
يضج العالم بأكمله شرقا و غربا منذ أحداث أيلول 2001 بالحرب ضد الإرهاب ( و الذي تم اختزاله هنا بكلمة الإرهاب فقط بينما المقصود هو الإرهاب الإسلامي دون غيره ) ، باعتبار روح العنف و القتل و التدمير في الدين الإسلامي تحت مسمى ( الجهاد ) هي المحرك الوحيد لكل ما يشهده العالم من أعمال قتل و ترهيب و اغتيالات تشرف عليها بشكل خاص منظمة القاعدة و فروعها في مختلف أنحاء العالم ، و حديثا بدأت هذه الحرب تتخذ وجهات أخرى غير النواحي العسكرية و السياسية ، حيث بدأت تظهر بشكل واضح في السنوات الأخيرة من خلال ما تنشره وسائل الإعلام الأوروبية المقروءة و المرئية من رسوم و مقالات و أفلام مسيئة للدين الإسلامي بشكل عام ، و لشخص النبي محمد بشكل خاص ، كما حدث في الرسوم المسيئة للنبي في الدانمارك و هولندا ثم في فرنسا ، إضافة إلى الفيلم الذي أظهر فيه مخرجه الأوروبي قصة الرسول و الإسلام بشكل مضحك استفزازي .
قبل الاعتراض و الغضب و المواجهة و المقاطعة و غيرها من ردود الأفعال العربية و الإسلامية ، يجب طرح السؤال التالي : لماذا ؟ لماذا هذا الهجوم على الإسلام تحديدا و العرب بشكل خاص من أمم تُقدس دساتيرها حقوق الإنسان و حرياته و منها حق العبادة و الاعتقاد ؟
لماذا هذا الهجوم جاء بشكل خاص من الدول الاسكندنافية المسالمة و التي تميزت بأنها أكثر بلاد أوروبا التي منحت حق اللجوء للمهجرين و اللاجيئيين العرب و المسلمين حيث منحتهم من الأمن و الاستقرار و الرواتب ما لم يحصلوا على مثيله في بلادهم الهاربين منها ؟
من جهة أخرى : لماذا هذا العنف الواضح عند التيارات الإسلامية الأصولية و الإصرار على رفض الآخر المختلف دينيا أو حتى مذهبيا مع افتراضهم أن على الدول الأوروبية أسلمة قوانينها و دساتيرها احتراما للجاليات الإسلامية فيها و أكثرها من أصحاب اللجوء السياسي و المهجًرين ؟
للأسف ، وصول أعداد كبيرة من الجاليات الإسلامية الفقيرة و الهاربة من الفقر و القمع السياسي و الاقتصادي و لجوئها إلى أوروبا شكل مشكلة حقيقية للطرفين معا : البلاد المستضيفة و التي أثقلت كاهل أبنائها من دافعي الضرائب بتكاليف هذه الضيافة و ما يترتب عليها من حقوق و مساعدات مالية و صحية للاجيئيين ، و من جهة أخرى ، تسبب مشكلة للمهاجرين الذين اضطروا أن يعيشوا بعيدا عن بلادهم في مجتمعات مخالفة تماما لكل ما نشأوا عليه من عادات و تقاليد و مبادىء دينية موروثة ، مما اضطرهم إلى التقوقع و الانعزال في أحياء خاصة في البداية بعيدا عن مجتمع غير مفهوم بالنسبة لهم ، و مع التكاثر و التناسل لم يعد بالإمكان الاستمرار في هذه العزلة ، حيث ضرورة الاختلاط للعمل و الدراسة ليصدموا بظروف مجتمعية و ثقافية لا تناسب منظومة التربية التي ربوا عليها أبنائهم ، ليبدأ بناء على ذلك صراع حضارات و ثقافات تشهده ساحات الدول الأوروبية بشكل واضح .
تحدث الجميع عن خوف الحكومة الفرنسية من ( فرنسا مسلمة ) بعد عشرين عام ، و كذلك الخوف نفسه في هولندا و ألمانيا و غيرها ، للأسف ، أن الجماعات الإسلامية هناك هي خليط من الظروف السابقة و بالتالي هي مجتمعات تعاني من عدم القدرة على فهم ذاتها من جهة ، و عدم تفهم المجتمع الذي تعيش فيه قانونيا من جهة أخرى .
على صعيد آخر ، كانت و لا زالت القاعدة الأولى و الأساسية للإرهاب في العالم أجمع ، و التي لا زال وجودها مانعا أكيدا لأي حرب ناجحة ضد الإرهاب في العالم أجمع و هي ( إسرائيل ) ، هذا الكيان الذي أنشأته جماعات و عصابات إرهابية على مسمع و مرأى من العالم أجمع ، و بدعم سياسي و عسكري و معنوي من الدول الكبرى (و التي تدعي قيادة الحرب على الإرهاب حاليا ) ، هذا الكيان يشكل استفزازا لكل جماعة أو خلية أو تنظيم متهم بأصوليته الدينية ، لأن إسرائيل التي خاضت و لا زالت تخوض كل أشكال الإرهاب على خلفية و أسس دينية ضد كل ما هو عربي أو فلسطيني و ضد كل ما هو غير يهودي ، من اغتيالات و قتل و اعتقال و تفجيرات و حروب جوية و برية ، هذه القاعدة هي الأولى بالمواجهة الأولى في الحرب العالمية ضد الإرهاب ، و طالما هي موجودة بدعم الدول الكبرى ، لن تتمكن هذه الدول من إقناع المواطنين العرب و المسلمين في جميع أنحاء العالم بمصداقية هذه الحرب و أهميتها ...........لأنها بكل بساطة لا تملك مصداقية ولا ثقة .....إسرائيل هي المهد الأول للإرهاب المنظم في العالم أجمع ، و أي تنظيم ظهر بعد ذلك هو إما تقليد لهذه المنظومة ـ...... أو ببساطة حق الرد عند الأطراف التي تعرضت لأذى الإرهاب الإسرائيلي و ويلاته ، و هي بالتالي تتمتع بحق الدفاع عن النفس ببساطة .