من الحكمة والعقل أن نترك أجهزة الدولة المختلفة تتعامل مع ملف ابننا الكساسبة دون ان نشكل عليها ورقة ضغط، فالمسألة في غاية الحساسية والتعقيد وكل ماهو مطلوب الآن أن نوّحد البوصلة باتجاه معاذ ولا شيء غير معاذ.
ندرك ان في خاطرنا همّ كبر واتسع، وجرح نما وأوجع.. ولكن، معاذ ومن ثم معاذ ومن ثم معاذ يجعلنا نضمّد جراحنا الوطنية بالصبر والحكمة لعل الفارس يعود، ولعل الامل يعود، ولعل الحياة تعود…
يا ابن الجنوب الطاهر.. في "عي" أدرك ان أوجاع الناس هناك ما أصاب غيرهم، وفي المزار أدرك ان الخير هناك ماينشدونه لغيرهم وينسون فيه أنفسهم، وفي مؤتة أدرك ان عطر الابناء هناك هي رائحة شهداء أعظم رجالات الامة..
من بساطة العيش هناك نتعلم كيف نصبر على الشدائد والمحن، ومن جباههم السمر نتعلم كيف يكون الولاء صبرا على وجع لا صبرا بانتظار موقع.. ومن شح مواردهم هناك نتعلم كيف يكون حب الوطن عهدا، لا فضل أو منّة من أحد.. ومن عزة أنفسهم نتعلم كيف نصبح شركاء في هذا الوطن بالدم لا بالدولار.. ومن مواقف الرجال الرجال نتعلم بأن بيوت الطيبين هناك أعظم تعليما وتثقيفا وتأهيلا من كل الجامعات..
لانخاف من القادم مهما كان موجعا.. لأن بينكم وبين الوطن عهد الاخلاص والانتماء، وعهد الصدق والولاء، وعهد العهود العريقة أن الولد الفارس الشجاع هو للوطن قبل أن يكون للاب والام والاخ والاخت..
نقف عندكم اليوم.. وندرك ان قهوتكم لا تبرد، وعزيمتكم لا تبرد، وشهامتكم لا تبرد، ووطنيتكم لا تبرد.. فمثل هذه الصفات الحميدة هي معكم في الجينات ولا تخضع لحسابات الحكومات !!
نحبس الأنفاس معكم.. ونرفع أيدينا بالدعاء معكم، ونذرف الدمعة معكم.. حتى تكون هذه المحنة درسا أردنيا فيه كل معاني الرجولة والنخوة والإخاء، وان مقاييس الولاء في بلدنا هي تلك الدمعة التي نشاهدها اليوم في عين كل اردني واردنية لتبرهن ان الوطن واحد، وان الشعب واحد، وان المصير واحد..
نعم جاءنا بعض الساسة من حيث لا نعلم.. وكادوا ان يضيعوا روح المواطنة الصادقة، وكادوا أن يجعلونا أرقاما في آلة حاسبة لا روحا في وطن عزيز، وكادوا ان يجعلوا منا بقرة حلوبا بدلا من جعلنا مفاتيح التغيير وسلاطين الكرامة..
الى ان جاء معاذ.. وعاد الاردن كما عهدناه.. صفا واحدا، وهما واحدا، واملا واحدا.. واصبحنا نتحدث عن عظمة الاردنيين وتضحياتهم بعد ان كنّا نتحدث عن كلفة حياة الاردنيين ومصروفاتهم !!
نعم تجارتكم الناجحة الوحيدة هي في هذا الشعب.. فما دام الشعب كله بخير.. الوطن كلّه بخير..
حمى الله الوطن والشعب ومعاذ..
(العرب اليوم)