كيف تستفيد دول الخليج من انخفاض أسعار النفط ؟
01-02-2015 03:01 AM
الخسارة المتوقعة لاقتصادات الخليج العربي نتيجة انخفاض أسعار النفط تناهز الـ 300 مليار دولار خلال العام 2015، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي.
هذا الرقم المهول من الخسائر يتطلب الوقوف عنده لمعرفة ما يمكن أن يرافقه من آثار ايجابية على اقتصادات دول الخليج العربي، خصوصا بعد العلم بأن سوق النفط احتكاري، الأمر الذي يؤكد مساهمة دول الخليج مباشرة في الانخفاض الحاصل على أسعار النفط عالميا.
الفائدة السياسة المترتبة على انخفاض أسعار النفط نالت حقها من التحليل، وملخصها الأبرز ضرب اقتصادات ايران وروسيا، خصوصا بعد تراجع الولايات المتحدة عن ضرب سورية نتيجة الضغط الروسي، وما تبع ذلك من إشاعات عن صفقة أمريكية ايرانية تحت الطاولة.
الفائدة الاقتصادية أيضا نالها جزء من التحليل، خصوصا عند الحديث عن تقليص جدوى استخراج النفط من الصخر الزيتي نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية، وهو مكسب اقتصادي مهم بعد العلم بأنه قد زاد من عرض النفط المحلي في الولايات المتحدة بحوالي 3 ملايين برميل يوميا عبر السنوات القليلة المنقضية.
أما ما لم ينل حقه من التحليل من فرص اقتصادية اخرى يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي استغلالها نتيجة انخفاض أسعار النفط، فأبرزها محاربة الهدر الاستثنائي لاستهلاك الطاقة، وتفعيل سوق الاقتراض الداخلي، وتحفيز المواطنين نحو العمل في القطاع الخاص.
قد يتساءل بعضهم عن دافع تخفيض هدر الطاقة في اقتصادات الخليج، ليكون الجواب بأن دولة مثل الامارات ستضحى قريبا مستوردة للغاز نتيجة استهلاكها من الطاقة 3-5 أضعاف المعدل العالمي، بسبب انخفاض التعرفة و الهدر المقابل.
في أوقات الرخاء، يصعب على الحكومات اتخاذ الاجراءات التصحيحية نتيجة مقاومة الرأي العام، تماما كما حصل في الأردن عندما قاوم مجلس النواب والرأي العام رفع الكهرباء بعد انخفاض أسعار النفط، برغم خسائر شركة الكهرباء المقدرة بأكثر من 5 مليارات دينار.
بالمقابل، يضحى من الأسهل على دول الخليج إدخال الاصلاحات الاقتصادية المطلوبة ممثلة بتخفيض دعم الوقود والكهرباء، وتخفيض أجور القطاع العام، وتقليص هدر الانفاق الحكومي، عندما تنخفض أسعار النفط و يشعر الرأي العام بتهديد المكتسبات نتيجة الانخفاض الملموس في الايرادات الحكومية.
على صعيد آخر، تقف دول الخليج اليوم على مفترق طرق لبحث آلية تمويلها للعجز الحكومي الناشئ عن انخفاض أسعار النفط، وهل يكون ذلك عن طريق وقف المشروعات الحكومية، أم بيع الاستثمارات الخارجية، أم عبر الاقتراض الخارجي، أو عن طريق تفعيل الاقتراض الداخلي من البنوك ؟
الخيار الأخير بتفعيل سوق الاقتراض الداخلي لحكومات الخليج العربي يمثل فرصة نوعية مترتبة على انخفاض أسعار النفط؛ حيث يوفر هذا الاقتراض مصدر تمويل أكثر أمانا من نظيره الخارجي، ويحقق حسب النظرية الكينزية استغلالا للمدخرات غير المستغلة في الاقتصاد، ويزيد من أرباح البنوك التي تساهم في معظمها حكومات الدول الخليجية، ويحسن من هيكلية سوق رأس المال عبر توفير أسعار الفائدة المعيارية، والاستثمارات السائلة المطلوبة في الاقتصاد.
لولا انخفاض أسعار النفط، لما استطاعت دول الخليج نقاش قضايا دعم الطاقة والهدر الحكومي و أجور العاملين في القطاع العام، ولولا انخفاض أسعار النفط لما جاء خيار الاقتراض الداخلي بالعملة المحلية على الطاولة.
لا ننسى أيضا أن اقتصادات الخليج وهي تحاول تنويع اقتصاداتها بعيدا عن حصرية النفط، تحتاج الى اختبارات ضاغطة عملية لتقويم انجازها الاقتصادي في القطاعات غير البترولية.
(العرب اليوم)