طيلة الساعات الماضية لم تكن تعنيني التحليلات او التلميحات أو التصريحات او المواقف او المخاوف،ولم تعنيني وجوه المجتمعين في الغرف المغلقة او الأصوات المصرّحة من «فم واسع» حول الوطنية والمواطنة ..كل تلك «الشوشرة» لم تكن تعنيني بقدر ما كان يعنيني وجهك الذي يشبه وجه أبي...
العمّ «صافي الكساسبة» ، طيلة الأيام الماضية كنت «وطناً» بمعنى الكلمة ...مرتفعاً شامخاً لا تنحني لسُحُب الكلام مهما ثقل، واحداً وكثيراً لا تختفي او تتوارى عمّا نُقِل، كنت رجلاً منحوتاً من صبر ورجولة ، العم صافي الكساسبة ..صدقّني: لقد قبّلتُ الأرض مراراً لأنه لم يزل على هذا التراب من هو مثلك...
أنا لا أكتب لأرضيك أو أشجيك ، بقاؤك بيننا هو فقط ما يرضينا ويشجينا ، مثلك نحن من نلوذ في عبائته ...ونقول له : «خبّئنا من ضعفنا يابا»..مثلك من ننحني له ونفرد أمامه إخفاقاتنا ونقول له : «تائهون من غيرك يابا»...نحن جميعاً أولادك «يابا»..نقولها لأب عظيم ،حكيم ، اختزل الوطن في صمته، ومثّل الوطن في صوته ..صدقني «يابا» انا لا أشجّعك أو أستنهضك أو أجاملك ..فأنت الفارس الذي ما سقط سيفه لو سقطت ذراعه..
طيلة الساعات الماضية كلما التقتك قناة أو قابلك صحفي ...كنت أراقب عينيك ، ملامحك ، نبرة صوتك ، وقفتك ،صمودك...لم تتغير ولم تخفت رغم ارتفاع منسوب القلق...كنت عميقاً في أبوتك، دقيقاً في كلامك ، خيّالا يعرف كيف يوجه فرس الخطاب في التوقيت والمكان ..كنت كبيراً وكثيراً يا عم صافي..
منذ اليوم الأول لم ينقطع الاتصال بيني وبين أخي جواد..ولم ينقطع حبل الدعاء مع السماء لحظة ، فكن مؤمناً مطمئناً يا فارساً جّملت عينيه البداوة والتقوى... كل الواقفين أمام عينيك أولادك، كل المتضرعين، الصامدين الصامتين ،الهاتفين ،الصابرين ، القابضين على الفخر أولادك...ينهضون عندما تنهض، ويقوون عندما تقوى..
العم صافي الكساسبة يا صاحب الشماغ المهدّب الذي ما نامت لحظة هدبه..أيها المعلم الفاضل الذي ما خذلته يوماً دروسه او كتبه...
فخورون بك ..فقط ...لأنك «الأردن»!.
(الرأي)