لا زال يتمتع بثقة واحترام ومحبة الفلاحين والفقراء وحتي الاثرياء الذين بنوا له مواقد ومخازن ومداخن وبيوت انتظار.

في زمن البترول الذي اغرق الدنيا وافلس خزائن الحكومات واحترف الصغار والكبار تجارته والمضاربة باسعاره واحتكار استيراده وتوزيعه...ليصبح اداة ضغط وسلاح حرب وسندا لعملة الكبار وعنوانا يلجأ له كل الصناعيين....ظل الحطب محافظا على هيبته ورائحته ووهج ناره ورقصها في المواقد تحت قدور الكرام ومراجل قهوتهم ..

الحطب لا زال يهوى مساعدة الراغبين منا في انضاج طعامهم على وهج اشتعاله ومشاركة الراغبين في تحجير التبغ الممزوج بنكهات العنب والليمون والتفاحتين ليستمتعوا بمشاهدة قدرة انفاسهم على افتعال الحرائق الصغيرة واستنشاق دخانها في زوايا المقاهي...التي يكسو فضاءها الضباب الممزوج بروائح القهوة والفحم وعطر الصبايا.

للحطب سحر جميل فهو وسيلتنا للوقوف في وجه البرد المتقدم نحونا عندما تتراقص فكينا ونوحوح من شدته لتشعرنا النار مرة اخرى بان بمقدورنا ان نفعل شيء وان نستأنس بالنار كما استأنس بها اجدادنا بعد أن أكتشفوا طيب ما انتجته الحرائق.

اليوم تتجدد رومنسية النار في مواقد الفضاء المفتوح وفي البيوت والمقاهي وحتى المطاعم...لكنها ليست على طريفة فيروز التي رأت النار "والنار عم تغفى بحضن الموئد( الموقد )" .

اليوم يعلن التجار انهم يعدون المشاوي او البيتزا على الحطب...وتجد الشباب الذين لم يخبروا الزمن الذي لم يكن فيه غير الحطب يعلنون انهم اعدوا الشاي على الحطب ..او اكلوا منسف اعد على الحطب.

وكأنهم يستعيدون صورة من الصور التي ضمنتها سميرة توفيق في اغنيتها "وح وح واني بردانه...يا ابو عيون الذبلانه.." الى المقطع الذي تقول فيه ..."واغلي لي الشاي على الحطب" .

الحطب صفة لنبات جف لكنه لم يفقد قيمته ويبقى يعطي فقد كان معطاء وسيظل معطاء حتى وهو يحترق فرائحة احتراقه جميلة واذاه اقل على العيون والانفاس والبيئة..

الله عليك يا حطب....فقد ادى الغاز المسال وغير المسال...والنفط العربي وغير العربي. المدعوم والمزعوم انه مدعوم ...وباسعاره التفضيلية وغير التفضيلية...و كل القصص والروايات وتذبيل العيون الى اهمالك...لكنك ستبقى الاجمل والاصدق والاطهر والانزه.. يا كبير يا حطب.