facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss




بوح على شرفة الوجع


عمر كلاب
30-01-2015 05:49 AM

زمان ليس ببعيد ‘ كان طعم الاشياء مختلفا ‘ من اول قضمة لخيارة مكتنزة الى قطف العنب الممشوق على الدالية ‘ كان لكل شيء طعم بما في ذلك الحزن ‘ كان عدد الوفيات أقل وكان الحزن اكبر ‘ كان الصيف مشدودا على نغمة الشُبابة والقربة وكانت الاجساد يتفصّد منها العرق من ملاحقة اللويح في الدبكة والشوق ممدود الى اخر سقف المنزل أملا في غمزة عين او ابتسامة غامضة من احدى صبايا العُرس .

زمان ‘ كانت الاحتفالات ولم نعرف الاحتفالية ‘ فالاخيرة فيها الكثير من الزيف والتزلف ‘ واليوم غابت الاحتفالات وحضرت الاحتفالية بطقوسها الغامضة واهدافها المريبة التي لا تعترف بأصل الفكرة والنوايا المصاحبة لها ‘ تعود من جنازة عزيز فيسألك احدهم بسرعة ودون وقار « مين حِضر « ‘ تعود من جاهة عرس فيكون السؤال بنفس الطريقة « مين طلب ومين اعطى وايضا مين حضر « .

اثناء حضور توقيع كتاب العزيز عمر الجازي وهو كتاب متخصص لا افقه انا وكثير من الموجودين القليل عنه ‘ كان المشهد محصورا بالحضور ‘ داعبت الحبيب عمر الرزاز الممسك بالكتاب بقوة « فاهم إشي « فابتسم بعذوبته الحقيقية قائلا هذه تركيبة لا يستطيع جمعها الا عمر الجازي ‘ صحافيون سياسيون ورجال دولة ومحامون وبسطاء ووزراء ورجال اعمال ‘ جميعهم شاهدوا الحضور وقليل شاهدوا روح مشهور حديثة الجازي ترفرف في المكان .

ولأن قماش الكفن وقماش ثوب العرس من لون واحد ‘ وعربة الجنائز القاتمة والسيارة المزّينة التي تحمل المواليد الجدد تخرجان من نفس بوابة المشفى ‘ كان الجمع الثاني جنازة الصديق مناور الدعجة الذي خسر معركة مع السرطان وربح سيرة عطرة ‘ كان الحضور ايضا يستفز للكتابة ‘ كان الجميع موقنا بقضاء الله ولكنه يعاتب مناور على سرعة الرحيل وهو العسكري المحترف الذي خاض اخطر انواع الحروب واكثرها شراسة وفتكا ‘ حرب المعلومات ‘ وأظن قلّة رأت روح العسكر الراحلين تحلّق في المكان .

لا ادري على وجه الحصر كيف باتت الاحتفالية طاغية ‘ وكيف وجدت في مجتمع كل قيمته تماسكه ‘ هذا الحضور الطاغي ‘ وكيف تحول تعاملنا مع الاحداث حلوها ومرها بطرائق احتفالية ‘ احتفالية للاصلاح واحتفالية للانتخابات واحتفالية للاحزاب واحتفالية للجاهات واحتفالية باللجان ‘ ولا احد يسأل عن الغائبين عن هذه الاحتفاليات وهل حضر المُحتفى به ام وجدناه ولم يحضر ؟ في زمن العجز عن وجود اجابات فلا أقل من حضور الاسئلة .

حتى قضايانا الانسانية نتعامل معها على شكل احتفالية ‘ على الدوار الرابع انشغل مصور بالتقاط صورة زوجة الطيار معاذ وهي في لحظة وجع ولا أصدق ليحولها الى احتفالية صحفية ‘ وآخر انشغل بمشهد امه وابيه ونوع السيارة التي يستقلونها على الدوار ‘ وتحول الجميع الى خبير استراتيجي يمارس طقوسا احتفالية في التحليل ..

في لحظة مواجهة الحقيقة نكتشف كم كانت احتفالياتنا غامضة ومريبة وتعبر عن فشل في معالجة القضايا الملحة فهربنا نحو الاحتفالية ‘ ونكتشف اكثر ان الاحتفاليات طريقنا نحو الهاوية ‘ فلا احد يمارس ذاته ولا يوجد احتفال واحد حتى بانخفاض حوادث السير في يوم المرور العالمي او الوطني ولا بتراجع تعداد مرضى السكري ‘ فكل ما نشاهده احتفاليات ممجوجة ينظر فينا الواحد لمنافسة الآخر ‘لتكريس التراجع وتعظيم الانهيار .
(الدستور)





  • لا يوجد تعليقات

تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :