جامعاتنا: تقييمها واستنهاضها
طارق مصاروة
29-01-2015 02:29 AM
من المؤسف ان تتحول الكوارث في بلدنا وفي وطننا الكبير الى مجرد اخبار ومقالات وصور تلفزيونية، تعيش معنا في بيوتنا كل ساعة وكل دقيقة وكل ثانية، او تقع في يد الدكاكين السياسية لتغذي معارضات افلست فكريا وعمليا، واصبحت مجرد ضجيج كلامي.
تمرُّ علينا كارثة سنوات من توجيهي مخروق منحناه لأسوأ سلوكيات الطلبة، واكثرهم بلطجة، وفتحنا امامهم الجامعات واكتشفنا ان جامعة عربية واحدة لم تكن على قائمة افضل خمسمائة جامعة، ثم اكتشفنا لدى وضع طلبتنا امام امتحان الجامعية لمستوى الجامعات الاردنية الحكومية والاهلية ان ترتيبها في نتائج المستوى العام متدن الى حد معيب، وان اعلى النسب «للناجحين» كان في كلية العلوم التربوية والاداب التابعة لمؤسسة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا).
نحترم خطوة هذه الحكومة في فرض النظام والنزاهة على امتحانات التوجيهي، مع مئات احكام العقوبة على الذين حاولوا اعادة التوجيهي الى ما كان عليه من التسيب.
ونحترم اكثر خطوة الحكومة في فرض الامن على الجامعات التي تحولت الى مسارح شغب وتخريب.
والى ذلك، فان المطلوب من الحكومة اعادة امتحان الكفاءة المتوسطة (الصف التاسع) فهو المصفاة الحقيقية للنهوض بمستوى الدراسة الاكاديمية في التوجيهي، والنهوض بالمدارس والكليات المهنية، ففي اوروبا لا يصل 70% من الطلاب الى الصفوف الثانوية، ولا يدخل الجامعات اكثر من 10%، فهؤلاء الذين يشكلون 70% هم عماد الصناعة والبناء، بتدريبهم في الشركات الكبرى، ثم ادخالهم المدارس والكليات المهنية، فالعامل الفني يمكن ان يصل الى درجة المهندس التطبيقي في كل فروع الصناعة والبناء، ولعل الذين درسوا في المانيا يعرفون ان المهندس الذي يضع على رأسه القبعة الصفراء هو المهندس الكهربائي، ومهندس التسليح، ومهندس التدفئة والتبريد، وعلينا ان نتحرى ما يجري في بلدنا حين ننفق المليارات من الدنانير على ابنية يقرر فيها «الطوبرجي» و»يخبص» فيها «المواسرجي» و»الكهربجي» .. و»البليط» و»القصّير» و»الطريش» ومورد الابواب والشبابيك!!.
اننا نلمح الآن الضوء الخفيف الذي نراه في بعض مصانعنا، والساطع الذي نراه في صناعات الدواء والكيماويات والبوتاس والفوسفات، والصناعة المعدنية، ولعل هذا الضوء هو املنا في تحسين مستوى التعليم الاكاديمي.. فعندنا افضل كليات الطب.. وتبقى الصناعات الطبية المساندة وهذه تستوعب الآلاف من الذين لا يحملون التوجيهي، وانما هم الذين يخدمون الاجهزة المتطورة في المستشفيات ويصلحونها، وهم الذين يقدمون الخدمة المهنية للمستشفيات والتمريض والاشعة ومئات المهن المصاحبة.
لنبدأ بالتركيز على مستوى التعليم الابتدائي والمتوسط، من المعلم والجو المدرسي، والتخصص فالارتقاء بهذا المستوى يعطينا طالب التوجيهي.
(الرأي)