النمو الاقتصادي على المحك
28-01-2015 02:28 AM
عمون - في اقتصاد تصل مديونيته العامة الى 90 % من المنتج المحلي الاجمالي، وتقبع أجور معظم موظفيه دون مستوى الـ 500 دينار شهريا، تضحي أهمية النمو الاقتصادي مضاعفة، لا تحتمل المجازفات والتكاليف الباهظة للمناكفات السياسية.
منذ نهاية العام المنقضي، والنمو الاقتصادي في المملكة يتعرض لضغوط استثنائية، بدأت تطغى على الأثر الايجابي لانخفاض أسعار النفط، وفي مقدمتها تأخير اقرار الموازنة العامة، وما يعنيه ذلك من تأجيل للإنفاق الرأسمالي الجديد الممول من الخليج والدافع لمعدلات النمو.
يأتي هذا التأخير على الرغم من التزام الحكومة بتسليم مشروع قانون الموازنة العامة في موعده الدستوري، قبل نحو شهرين من انتهاء السنة المالية 2014.
أما سبب هذا التأخير فربما يتعلق بأداء المجلس النيابي، أو مناكفته الحكومة، بحجة تخفيض أسعار الكهرباء، وهو مطلب بحد ذاته يضغط على معدلات النمو من حيث تضخيم فاتورة الدين العام، أو من حيث التخفيض المحتمل على نفقات الحكومة الأخرى بهدف تعويض فرق تخفيض أو تجميد قرار رفع التعرفة الكهربائية.
يجب أيضا على المسؤولين والمشرعين، ممن يمتلكون الوعي المالي والاقتصادي، الانتباه الى عامل آخر مثبط لمعدلات النمو الاقتصادي، وهو قيام الحكومة بتثبيت انفاقها للعام 2015 مقارنة بالعام 2014، وبما يعني نظريا عدم اسهام الحكومة في معدلات النمو الاقتصادي للعام الحالي، ليبقى وزر النمو على عاتق نوعية الانفاق الحكومي والقطاع الخاص.
بعد أخذ العوامل السابقة بعين الاعتبار، واضافة عوامل أخرى مثل حالة اللايقين الناتجة عن الاضطراب الاقليمي، يجب على صناع القرار، وخصوصا المشرعين، تحمل مسؤولياتهم تجاه أولوية النمو الاقتصادي، خصوصا وأن النمو الاقتصادي الذي تحتاجه المملكة لاستيعاب الداخلين الجدد الى سوق العمل يفوق مستوى الـ 6 %، علما بأن النمو المتحقق للعام السابق قد ناهز نصف المعدل المطلوب بنحو 3.3 %.
وحتى لو كان باطن السياسة الداخلية ملتهبا، وصولا الى حد الرغبة النيابية في تغيير الحكومات، فلذلك توقيت أفضل وأسلوب أكثر حكمة، بعيدا عن التغول والمغامرة في الاقتصاد.
لا نملك في الأردن الترف في تأجيل مستحقات النمو الاقتصادي، ولا الترف في مغامرات قد تفقدنا كما هائلا من المساعدات الخارجية، بغض النظر عن المسببات التي قد تكون ناتجة عن خلافات شخصية أو عدم الالمام بالواقع الاقتصادي، أو أن هذه المسببات تبطن ضمنها مقاومة لنهج جديد يقضي بطول عمر الحكومات والمجالس النيابية.