رجل الديمقراطية الأردنية المريض
27-01-2015 12:21 PM
كنت أطلق على مجلس النواب تسمية (رجل السياسة الاردنية المريض) وذلك لتنافر تركيبته وضعف فعاليته وقدرة الحكومة الفائقة على تشتيت تجمعاته وإضعاف قراراته لدرجة أنه أصبح في وقت ما - في نظر المواطنين - عبئا ينبغي التخلص منه.
نظريا يفترض أن يكون المجلس صورة للطيف السياسي الاردني ولكنه في الواقع العملي وفي غياب المعارضة الحزبية عن القبة وبوجود معارضة - غير حزبية - ضئيلة تفتقر الى الخبرات السياسية والفكرية ولا يجمعها إطار تنظيمي أو ائتلافي فقد تحول المجلس الى شتات تسبب بركود في الحياة السياسية وأدخل العملية الديمقراطية الى غرفة العناية الحثيثة بدون أطباء ولا أوكسجين.
ما رأيناه من موقف الائتلاف النيابي الكبير الذي تشكل مؤخرا في مواجهة قرار الحكومة برفع أسعار الكهرباء يمكن تسميته بانتفاضة نيابية من حضن الحكومة الى أحضان الشعب الامر الذي أنعش الامال الشعبية - بحذر - في أن المجلس بدأ يستعيد عافيته ويعود - في غالبية أعضائه - الى هموم ومعاناة القواعد الشعبية.
هناك بالطبع من يشككون في موقف النواب ويرون أنها مجرد - هيزعة - أو مسرحية سرعان ما يكشف الممثلون فيها عن توجهاتهم الحقيقية بالعودة الى حضن الحكومة ووعودها.
أنا شخصيا لست من هذا الفريق وانما من الفريق الذي يتعامل مع مواقف النواب بحذر وتحوط من التغييرات والانقلابات في المواقف بحكم السوابق البرلمانية العديدة التي شاهدناها وبخاصة في مناقشات بيانات الثقة بالحكومات ففي حالات عديدة كدنا نصل الى اعتقاد أن رئيس الحكومة سيهرب من النافذة لشدة الهجمة النيابية ثم نفاجأ بثقة مرتفعة وظهور دفاع مستميت عن شخص الرئيس - وصل درجة المشاجرات - دون النظر الى مكونات الفريق الوزاري، وهذا ما زعزع ثقة الناس بالنواب وأوصل آمالهم بالمجلس النيابي الى الحضيض.
يبدو أننا الان أمام واقع مختلف ولكن هل هو قادر على الصمود أمام طغيان الحكومة ووسائلها وأختراقاتها ؟؟ هذا هو السؤال الصعب؟
الحكومة في موقف حرج هذا صحيح، وستلجأ الى سياسة العصا والجزرة، العصا تعني التلويح بالتنسيب الى جلالة الملك بحل المجلس والجزرة تعني وعودا شخصية قد تتضمن مقاعد وزارية أو تنازلات في موقع آخر.. ولكن النواب أيضا في موقف حرج فأي تراجع يعني إطلاق رصاصة الرحمة على المجلس وأننا بتنا في حاجة الى الرجوع الى صناديق الاقتراع اذا أردنا أحياء العملية الديمقراطية وتفادي احتقان شعبي نرجو ألا يصل الى حد الغليان.
نتذكر جيدا بدايات عهد الحكومة حينما كان دولة الرئيس يضعنا بين خيارين أما رفع الدعم أو سقوط الدينار فكان لدولته ما أراد ولكن النتيجة أن المديونية ارتفعت بشكل مذهل كاد يصل الى ثمانين بالمئة من الناتج القومي رغم أنه الرئيس الذي جاء للسيطرة على المديونية وإنقاذ الاقتصاد، فقد وضعنا الرئيس أمام (بعبع) انهيار الدينار فدب الفزع في صفوف النواب. والنتيجة ما نحصده الان رغم أن الحكومة تحاول إرضاءنا جميعا بخفض رمزي على أسعار المحروقات لم تنل منه أسعار السلع والخدمات شيئا نلمسه في حياتنا اليومية الصعبة.
وأخيرا يظل السؤال قائما هل يصمد مجلس النواب في مواجهة الحكومة فيستعيد عافيته ويسترد ثقة الشعب؟ أم نحن أمام مشهد يتكرر؟ مشهد فزعة أو غضبة تنتهي بفنجان قهوة وابتسامة عريضة؟