الصحافيون بين مطرقة المطبوعات وسندان العقوبات !!!
باسل العكور
13-03-2007 02:00 AM
لم يصحُ الصحافيون بعد من صدمة اقرار نواب الشعب(... ) لمشروع قانون المطبوعات والنشر بما يحمله من مواد تأتي-اذا ما اقرت - على كل امل بحريات صحافية ، حتى اقر النواب قبل ايام القانون المؤقت رقم 54 لسنة 2001 المعدل لقانون العقوبات والذي ينص في احد بنوده على منع الصحف والمطبوعات من نشر ما يسيء الى الوحدة الوطنية وحريات الاشخاص وكراماتهم والى هيبة الدولة وسمعتها وكرامتها، وعقوبة هذا البند الذي تم زج الصحافة فيه من قبل النواب هو الاشغال الشاقة المؤقتة التي تتراوح عقوبتها بين ثلاث سنوات وخمس عشرة سنة.وهو ما قد يدخل الصحافيين في "كوما حريات" لا يصحون بعدها ابدا.الاسباب الموجبة لهذا القانون الذي اقره النواب كما جاء في النص "انه ونظرا لتوسع مفهوم العمل الارهابي وتعدد اساليب تنفيذه وعدم شمول احكامه لجميع حالات ووسائل الاعمال الارهابية فان الأمر بات يتطلب تعديل القانون لتشديد العقوبات على كل من يرتكب جرائم الارهاب لسد هذا النقص في قانون العقوبات الحالي..." وعكف المشرعون بعد هذه الفقرة على سرد الاسباب الموجبة التي جاء في البند الثاني منها ما ذكرناه انفا.
لا ندري عن أي توسع يتحدث النواب في مفهوم الارهاب وما علاقة ما ينشر في المطبوعات به ولماذا هذا الخلط غير المبرر وغير المفهوم وما هي اهدافه ؟ وماهي السابقة التي دفعت المشرعين الى زج الصحافة في مفهوم الارهاب .
لا اريد ان اتوقف عند البنود الاخرى التي تحدثت عن جلالة الملك الذي اعتقد ان حصانتة واحترام الناس له واجماعهم عليه ليست بحاجة الى أي تشريع يمس هذه الحصانة ويربطها بنص قانوني يحظر "التقول على الملك او ارسال كل ما يمس بكرامته".
اللافت في القانون هو العبارات الفضفاضة التي جاءت في البند الثاني " .... نشر ما يسيء الى الوحدة الوطنية وحريات الاشخاص وكراماتهم والى هيبة الدولة وسمعتها وكرامتها " وهي عبارات لن تترك متنفسا ولا متسعا لحرية صحافية بأي سقف وستضع الجميع في دائرة خطر المثول امام محاكم عسكرية بتهمة الارهاب وذلك بحد ذاته يشكل تراجعا خطيرا وانتكاسة حقيقية وانحسارا كبيرا للديمقراطية والاصلاح السياسي الذي طالما تحدث عنه جلالة الملك في كل مناسبة واخرها لقاؤه الاخير مع نخبة من رجال السياسية والاعلام في منزله الخاص.
على الاسرة الصحافية ان تتصدى للقانون بكل قوة ،فلقد خذل النواب انفسهم قبل ان يطيحوا بالحريات الصحافية وانقلبوا على الفكرة التي جاءت بهم كممثلين للشعب وناطقين بأسمه وهي سابقة لا يمكن فهمها او ادراك موجباتها بسهولة في ظل معادلة نيابية معقدة للغاية وغير منسجمة مع ذاتها.
و اذا ما قمنا بضم الاراء التي تستدعي حبس الصحافيين وتغريمهم مبالغ باهظة في قانون المطبوعات الذي اقره النواب مؤخرا ، مع البند الثاني من قانون العقوبات المصادق عليه منهم ايضا ،فاننا بلا شك امام واقع نعرض فيه انجازاتنا كلها وما حققناه من اصلاحات سياسية الى الخطر ونكون امام صورة قاتمة سحب منها اللون وعادت كما كانت سابقا ابيض واسود و(تعابير جامدة للوجوه بلا روح).