عمان - محمد الزيود - تباينت آراء سياسيين ومعنيين بمؤسسات المجتمع المدني في السنوات الأخيرة حول دور مؤسسات المجتمع المدني في مختلف انواعها وادوارها والجدوى من وجودها وآلية تمويلها.

فبعض السياسيين والمراقبين اعتبروا ان مؤسسات المجتمع المدني تنفذ اجندة الجهات التي تمولها حرفيا ولا سلطة لها على برامجها الممولة من المؤسسات الدولية والأجنبية تحديدا.

وطالب مجموعة من النواب في أكثر من مناسبة منع تمويل هذه المؤسسات من التمويل الاجنبي ورقابتها مراقبة شديدة، لأن البعض منها طاله الفساد المالي.

وفي موازاة ذلك أكد معنيون في مؤسسات المجتمع المدني أن هذه المؤسسات هي شريك اساسي في التنمية جنبا إلى جنب مع الحكومة والقطاع الخاص.

وأكدوا أن التمويل سواء المحلي او الخارجي لا يفرض اجندة معينة على هذه المؤسسات، بل على العكس يوجد نوع من الحوار وبحث للإحتياجات للأردنيين في مختلف المجالات لسد النقص فيها وتصميم برامج تنموية من اجلها.
وبخصوص الرقابة على اموالها نفوا أن يكون هناك فساد كما يشاع، لكن هذا لا يعني غياب الاخطاء هنا أو هناك.
وشددوا على ان المال الممول لمؤسسات المجتمع المدني يخضع لرقابة محلية ومدققين ماليين من الجانبين من قبل الجمعيات ومن قبل المؤسسات المانحة ومراجعة دائمة للخطط والبرامج بشكل دوري ودقيق.

وفي السياق ذاته قال النائب رائد حجازين:»سمعت عن وجود فساد في بعض هذه المؤسسات لكن لا استطيع أن جزم حقيقته».

وأكد انه يرفض تماما التمويل الأجنبي بمختلف أشكاله لهذه المؤسسات بحجة دعم المرأة او دعم أي مشاريع تنموية أخرى.

وبرر حجازين رفضه لهذا التمويل لأن المؤسسات الممولة تفرض اجندتها لتطبق في البرامج المقدمة في مناطق محددة من مناطق المملكة.

وعبر حجازين عن اسفه وجود بعض النواب يدعمون هذه المؤسسات ويؤيدون تمويلها الخارجي.

وأشار إلى أن المؤسسات التي تدعي دعم المرأة على سبيل المثال وتمكينها لا مبرر لوجود برامجها الممولة من الخارج، لأن المراة الأردنية اخذت حقوقها من خلال التشريعات الأردنية ومن خلال وصولها إلى المناصب المتعددة في المؤسسات المدنية والعسكرية والقضائية وفي مجلس النواب والاعيان.

من جهتها قالت الامينة العامة للجنة الوطنية لشؤون المرأة الدكتورة سلمى النمس:»أن من الظلم التعميم على مؤسسات المجتمع بالفساد والتشكيك لأنها تلعب دورا فاعلا وعاما في التنمية المحلية».

وأكدت الدكتورة النمس أن مؤسسات المجتمع المدني جزء من الدولة وتسد فراغا في تقديم الخدمات وتعزيز التنمية في المجتمعات.

وأشارت إلى أن هذه المؤسسات تعد شريكا للحكومة والقطاع الخاص في تعزيز التنمية ودعم قضايا المرأة وتمكينها اقتصاديا.

واستهجنت أن يلجأ البعض إلى التشكيك بالتمويل الخارجي من مؤسسات دولية تلجا الحكومة إليه احيانا لدعم مشاريع التنمية.

وبخصوص ما يقال أن الممولين يفرضون اجندتهم على المؤسسات الأردنية التي تحصل على هذا التمويل قالت النمس:»على العكس تماما يتم الإستماع من مؤسسات المجتمع المدني عن احيتاجات المجتمع الأردني وبناء عليها يتم بناء البرامج والتمويل».

ولفتت إلى أن هذا الأموال ليست بلا رقابة كما يعتقد البعض، مشددة على أن هذه الأموال تخضع لرقابة دقيقة وعلى صرفها وآلية تنفيذ المشاريع.

وأضافت أن المشاريع تخضع لتقييم ومقارنة بين الصرف والتنفيذ، كما يوجد متابعة دقيقة ولكل مراحل المشاريع.

المدير العام لمنظمة أرض- العون القانوني سمر محارب قالت:» أن المنطلق الحكومي داعم لمؤسسات المجتمع المدني بالأساس، وساهم في نهضة مؤسسات المجتمع المدني وتميز البعض منها، لكن العملية ليست بالسهلة وهناك العديد من التحديات والمعيقات الإجرائية والإدارية التي يجب العمل عليها لجعل مؤسسات المجتمع المدني تقوم بدورها في مساعدة المجتمع وإكمال دور الحكومة».

وبينت أن الواقع الناظم لهذه المؤسسات يحتاج لقدرات كبيرة قد لا تستطيع كافة المؤسسات على تلبيتها وباتت البيئة غير محفزة لنشوء وبروز العديد من المبادرات بالايجابية وخاصة المبادرات الشبابية والنسوية.

وأشارت إلى أن هذه المؤسسات تصبح في حيرة في تلبية متطلبات الدولة الإدارية والصعبة من جهة، وتلبية متطلبات الممول صاحب المعايير العالمية في الأداء والمراقبة والتقييم من جهة أخرى، و من جهة متلقي الخدمة والذي دائما يكون مشككا نظرا للنظرة السلبية لأداء هذه المؤسسات والتي لم تجد من تحميها.

وأكدت محارب أن مؤسسات المجتمع المدني تجد صعوبة احيانا في إيجاد الكفاءات للعمل ضمن كوادرها والمتطلب منهم معايير عالية وخبرة في المجال، مضيفة أن معظم المتقدمين لهذا المجال محليا تنقصهم الخبرة التقنية والخبرة العملية، حيث أن تخصصات دراسة التنمية وحقوق الإنسان وإدارة المنظمات بعيدة لازالت عن الجامعات المحلية، مما يجعل هذا التخصص عرضة للهاوين أو الخبراء الذين لا تستطيع المنظمات المحلية دفع رواتبهم العالية.

ولفتت إلى أن التشريعات الناظمة لا تواكب متطلبات بناء قدرات هذه المنظمات وينقصها الكثير من الجوانب التي تحتاجها المنظمات سواء المحلية أو الأجنبية لتمارس عملها بالشكل المطلوب محليا و قادرة على التنافس دوليا وحسب توجيهات جلالة الملك عبد الثاني الداعم الأول لمؤسسات المجتمع المدني الأردني.

مدير مؤسسة نهر الأردن المهندس غالب القضاة أكد ان عمليات الصرف والإنفاق دقيقة سواء من التمويل المقدم من المؤسسات المحلية أو الأجنبية، مشيرا إلى ان مؤسسة نهر الأردن على سبيل المثال تخضع جميع المشاريع فيها إلى رقابة مالية وتنفيذية دقيقة جدا.

ولفت إلى أن المؤسسات الممولة تقدم مدققين داخليين بالإضافة إلى مدققين ماليين من المؤسسات التي تستفيد من التمويل حرصا على تنفيذ المشاريع بشكل صحيح.

واعتبر ان كثر الجمعيات الذي يصل إلى 4 آلاف جمعية هو احد اسباب وجود نظرة سلبية لعمل مؤسسات المجتمع المدني، خصوصا ان جزءا منها لا يعمل وغير مفعل.

وأكد القضاة أن مؤسسات المجتمع المدني في عملها وجهودها هي صمام آمان وهي شريكة للقطاعين العام والخاص في جهود التنمية.

واقترح أن يتم التركيز على ألف مؤسسة مجتمع مدني جادة في العمل للوصول الى الاهداف المنشودة من دورها الحقيقي.

وعبر عن رفضه للتعميم الظالم في اطلاق الاحكام على مؤسسات المجتمع المدني، لافتا إلى أن مؤسسة نهر الأردن على سبيل المثال تقوم بجهود كبيرة مع المجتمع وموازنتها منشورة على موقعها الإلكتروني من منطلق الشفافية في العمل.

يشار إلى أن عدد الجمعيات العاملة في المملكة بلغت 2896 جمعية. الرأي