فجأة وبدون سابق إنذار اصبحت صحة المواطن أولى الاولويات؛ حيث أقر مجلس الوزراء مسودة تعديل قانون الصحة، وبدل ان تتضمن أحكاما بالاعدام لكل من يتلاعب بغذاء المواطن، كان القرار التاريخي برفع غرامة التدخين من 15 دينارا الى 100 دينار على كل من يدخن في مكان عام.
لم أسمع في حياتي ان تم تغريم أحد بعد ان وجد يدخن في مكان عام، وربما لم يدخل خزينة الدولة فلس واحد من غرامة التدخين المفروضة منذ سنوات، ومشهد السادة النواب وهم "يعجون" على "السكاير" في الجلسات برغم انهم في مكان عام لأكبر دليل على ان مثل هذه القوانين تدخل في سياق "انقعها واشرب ميتها" !!
كل اسبوع يبث التلفزيون الاردني برنامج دليل المستهلك؛ حيث يقوم بزيارة مفاجئة الى المحال والمصانع لتفقد مدى سلامة الاجراءات المتبعة من قبل اصحاب تلك المحال لتقديم غذاء صحي للمواطنين.. في كل اسبوع هناك "صراصير" في المحال.. البرنامج زار المحافظات من الشمال الى الجنوب و"الصرصور" كان حاضرا في جميع الحلقات، ولم يعتذر عن الحضور ولو مرة واحدة؛ حيث يخيل لك انه أحد كوادر البرنامج..
بصراحة أنا أتابع البرنامج منذ مدة طويلة، وذلك ليس حبا بمشاهدة "الصراصير"، بل لأن التلفزيون الاردني مقلُّ في برامج المسابقات، واستطعنا ان نحول هذا البرنامج التثقيفي الى برنامج مسابقات.. فحين تدخل كاميرا البرنامج احد المحال نبدأ انا ومن معي التحزير، أين سيجدون.
"الصرصور" .. هناك من يقول في السَّلَطة، وهناك من يقول في المايونيز، وهناك من يقول في جزمة العامل، وهناك من يقول انه نائم في كرشة الخروف.. وبعد ان يجد المذيع "الصرصور" على كل من خسر في توقعه ان يحضر كنافة من محل فيه جرادين !!
المشكلة ان الجهات الحكومية المعنية في الرقابة الصحية والعمالية ترافق البرنامج في جولاته، وفي كل مرة يَعِدون اسرة البرنامج باتخاذ أشد العقوبات بحق المخالفين، البرنامج حين يعود مرة اخرى للمحل نفسه يجد "الصرصور" في المكان نفسه، لكنه أصبح رب اسرة.. وهنا نسأل برسم القلق ان كان هناك جهات حكومية تعامل الصراصير في بلدنا على الاقل حظا !!
حفاظا على الصحة العامة تريدون رفع غرامة التدخين الى 100 دينار لبيان مدى حرصكم على صحة المواطن، وفي يقينكم ان مثل هذه القوانين تبقى حبرا على ورق نظرا لأنه من المستحيل تطبيقها. طيب، والصرصور الذي يظهر كل اسبوع على شاشة التلفزيون الاردني.. نعتبره مندوب الامم المتحدة مثلا !!
(العرب اليوم)