الأردن والـسـعوديـة: المعادلة الصحيحة
صالح القلاب
25-01-2015 03:01 AM
ليس لأن هناك تغييراً بعد رحيل الملك عبد الله بن عبد العزيز وتسلم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مسؤولية قيادة هذه الدولة الشقيقة ، فحقيقة الأمر أن هذا التغير لم يغير في السياسات الخارجية والداخلية أي شيء، ولكن لأن المنطقة كلها تمر الآن بأصعب ما واجهته منذ الحرب العالمية الأولى ولأن هناك تحديات فعلية في ضوء كل هذا الذي نراه تستدعي اصطفافاً نوعياً وتستدعي أن يكون التنسيق متكاملاً إن في مواجهة الإرهاب وإن بالنسبة للقضية الفلسطينية وإنْ بالنسبة للقضايا الاقتصادية والعلاقات والسياسية الخارجية .
فإنه يجب ،ليس غداً أو بعد غدٍ، وإنما الآن ،بالنسبة للعلاقات الأردنية – السعودية وضع كل الأمور على الطاولة ومراجعة كل شيء وتحديد الأولويات الرئيسية والاتفاق على خطط عمل يعرف من خلالها كل طرف مسؤولياته وواجباته وهذا من المفترض أن يشمل لاحقاً ،في المستقبل القريب، دول الإطار الأقرب وفي مقدمتها باقي دول الخليج العربي ومصر وأيضاً المملكة المغربية فأساليب التعاون المرتبكة لمواجهة كل هذه التحديات لم تعد مجدية وهي غير مقبولة على الإطلاق .
إنه من غير المعقول ولا المقبول أن تُترك المملكة العربية السعودية تواجه هذه المستجدات التي تهددها وتهدد ،في حقيقة الأمر، العرب كلهم وحدها كما أنه لا يجوز ،بل هي كارثة الكوارث، ترْك مصر تواجه إرهاب ما يسمى «أنصار بيت المقدس» ،الذي هو في حقيقة الأمر إرهاب الإخوان المسلمين، كما ولا يجوز أيضاً أن تبقى الحرب على «داعش» و «النصرة» و «القاعدة» تُخاض بهذه الطريقة التي من غير الممكن أن تَحسم الوضع حتى وإنْ ،أيْ هذه الحرب، استمرت لعشرين سنة مقبلة .
ثم وأنه غير مقبول أن يبقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يواجه ،منفرداً، إسرائيل التي غدت تُحكم من قبل مجموعات يمينية وعنصرية أكثر تطرفاً حتى من «داعش» ويواجه هذه الإدارة الأميركية المترددة والمرتبكة والذي يواجه ألاعيب «حماس» التي أعلنت مؤخراً ما كانت تمارسه سراً وهو إلتحاقها بـ»مرجعية» الولي الفقيه في طهران مثلها مثل حزب الله اللبناني ومثل كل الميليشيات المذهبية المستوردة من العراق وإيران وأفغانستان وباكستان ومن كل حدبٍ وصوب التي تمادت كثيراً في ارتكاب مجازر دموية بدوافع طائفية خسيسة ضد الشعب السوري .
وهنا ليس للتوضيح وإنما للتأكيد فإن هذا لا يعني إطلاقاً أن المطلوب هو انضمام الأردن أو مصر أو المغرب إلى مجلس التعاون الخليجي الذي يحاول البعض تحويله إلى إطارٍ قومي غير الإطار العربي.. إن المطلوب هو أنَّ إستمرار انفراط العقد العربي يعتبر كارثة مأساوية للجميع وبخاصة وأن العرب كلهم يواجهون تحديات إن هم لن يواجهوها وهم على قلب رجل واحد فإن مصيرهم سيكون أسوأ بألف مرة من مصير اليمن بعد انهيار سد مأرب ومصير ملوك الطوائف في الأندلس و مصير باقي ما تبقى من الخلافة العباسية التي سلَّم آخر خلفائها ذقونهم للمماليك والمرتزقة .
الآن وقد وصلت التحديات إلى كل هذا المستوى من الخطورة فإنه يجب عدم الإكتفاء بنمط العلاقات الأردنية – السعودية السابقة بل أنه يجب عدم الإكتفاء بنمط العلاقات العربية – العربية الحالية ويقيناً أن تحديات ما يجري في اليمن الذي تقف وراءه إيران بصمت أميركي مريب وبصمت أوروبي غير مفهوم تتطلب شجاعة في نقد الذات وفي التصارُح بدون مواربة…. إننا كعرب معرضون الآن للفناء السياسي وللزوال من خريطة الأمم الكونية الفاعلة.. واللهمَّ إشهد.. اللهم إشهد.
(الرأي)