لقاح مبكر ضد الوهم !خيري منصور
25-01-2015 03:00 AM
لم يخطر ببالي ذات يوم انني سأبحث عن اطفال كان لهم الفضل في تحرري من الاوهام، فالطفل كما يقول الشاعر ووردزورث هو أب الرجل، وتلك حكاية عمرها بضعة عقود، حين كنت طالبا في القاهرة، لم تجتذبني المستديرة الساحرة التي يسمونها كرة القدم، وكنت انتظر المباريات لأسباب اخرى، فالشوارع تفرغ تماما اثناء المباريات سواء كانت في الملاعب او على الشاشة، فأشعر كما لو انني اعبرها للمرة الأولى، لكن ما حدث كان مباراة من طراز آخر، ففي معظم الايام اسمع من النافذة المفتوحة اطفالا يتصايحون وهم يتقاذفون كرة غالبا ما تكون قطعة قماش محشوة بجوارب قديمة، لهذا كان الناس يسمونها كرة الشراب، لأن الشراب باللهجة المصرية هو الجورب، كنت اقف على النافذة اشاهدهم، واثار انتباهي ان اسماءهم هي ذاتها اسماء نجوم الكرة في تلك الايام أمثال صالح سليم ومروان كنفاني الذي كان حارس مرمى النادي الاهلي، ولعلّ لقائي به قبل فترة قصيرة هو ما اثار هذه التداعيات في ذاكرتي، ثم عرفت ان تلك الاسماء ليست اسماءهم، بل يتقمصون اللاعبين المشاهير ويتخيل كل واحد منهم انه صالح سليم او غيره من نجوم تلك المرحلة، ويتناسون عن عمد ان الكرة التي يركلونها ليست كرة قدم حقيقية وانها خرق وجوارب، وبمرور الايام شعرت ان ما كان يقوم به الاطفال يقوم به بالغون في عدة مجالات، فالكومبارس سواء كان في السينما او السياسة او الثقافة يتقمص شكل البطل امام المرايا في بيته وليس امام الكاميرات، فما من احد يستطيع منع كاتب محدود الموهبة والعطاء من ان يتخيل نفسه همنجوي او نجيب محفوظ، وقد يجد حوله من الأميين من يصدقون ذلك وفي مقدمتهم زوجته المسكينة المضطرة الى مسايرته .
|
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * |
بقي لك 500 حرف
|
رمز التحقق : |
تحديث الرمز
أكتب الرمز :
|
برمجة واستضافة