لماذ سقطت صنعاء .. وماذا يعني سقوطها؟
رجا طلب
25-01-2015 02:57 AM
سقطت العاصمة اليمنية صنعاء بأيدي المليشيات الحوثية بأسرع مما كان يتوقع المراقبون، وتسارعت النتائج السياسية المترتبة علي وقع هذا الحدث المدوي ومن أبرزها استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء ودخول البلاد في فراغ سياسي، ورفض البرلمان لاستقالة الرئيس، ودخول الدولة اليمنية في حالة أشبه ما تكون بالانقلاب العسكري بعد محاصرة الحوثيين للقصر الجمهوري ووقوف الجيش في غالبيته علي الحياد أو في حالة سهلت السيطرة الحوثية علي العاصمة صنعاء، ويثير المراقبون أسئلة كثيرة حول هذا التطور ومن أبرز تلك التساؤلات كيف تمكن الحوثيون من تحقيق هذا الانتصار العسكري، وما هي أسباب قوتهم؟
السبب الأول بلا منازع يتمثل في الدعم الإيراني غير المحدود والمتواصل علي مدي سنوات طويلة للحوثيين وحركتهم سواء علي المستوى العسكري أو علي المستوي المالي، بالإضافة إلى الدعم المتزايد خلال العامين الماضيين بالخبراء العسكريين الإيرانيين وكوادر عسكرية من حزب الله اللبناني.
أما السبب الثاني الذي مكن الحوثيين من السيطرة علي صنعاء فهو تشرذم القوى الأخرى المضادة لهم، سواء كانت القوى العشائرية الكبرى الممثلة بقبلتي حاشد وبكيل أو تنظيم القاعدة والجماعات السلفية الجهادية التى تلقت ضربات موجعة أضعفت تأثيرها علي مدى سنوات، وخاصة في فترة حكم علي عبد الله صالح ضمن ما سمي وقتذاك "الحرب على الإرهاب"، بالاضافة لضعف التنظيم السياسي الأبرز للسنة في اليمن ألا وهو حزب التجمع اليمني للاصلاح.
أما السبب الثالث فهو تركيز النظام العربي الرسمي بصورة عامة جهده السياسي والأمني علي الحرب ضد داعش والجهد المبذول ضد هذا التنظيم الذي قفز إلى واجهة الأحداث كخطر امني داهم علي المنطقة.
ومن أبرز النتائج المحتملة للسقوط المريع لشمالي اليمن في يد الحوثيين، ما يلي:
أولاً: انفصال الجنوب عن شمال البلاد خاصة أن إيران وأطرافاً إقليمية تدعم الحراك الجنوبي للانفصال عن الشمال بزعامة علي سالم البيض الذي يتزعم هذا المشروع للعودة في البلاد إلى ما قبل الوحدة اليمنية التى تحققت في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
ثانياً: تزايد فرص عودة علي عبد الله صالح للرئاسة بعد استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وذلك من خلال تحالفه مع الحوثيين، وبقايا المليشيات التابعة له ومن خلال البرلمان اليمني الذي يرأسه يحيى الراعي القيادي بحزب المؤتمر الشعبي العام الذي ما زال صالح زعيمه الحقيقي، حيث ينص الدستور اليمني وفق المادتين 115 و116- الفصل الثاني/ الرفع الأول)، على أن يتولى نائب الرئيس منصب الرئاسة، وفي حالة عدم وجود نائب للرئيس -وهو الأمر القائم في اليمن قبيل استقالة هادي- يتولى المنصب رئيس مجلس النواب، وفي الوضع الراهن يمكن للرئيس المؤقت ان يهيء الطريق لعودة علي عبد الله صالح الى الرئاسة، وهو احتمال قد يدفع في حال حدوثه إلى مواجهات ضارية في الشارع اليمني حيث ما زال يُنظر لصالح على أنه رمز من رموز الفساد والخراب في اليمن.
ثالثاً: سيطرة الحوثيين على صنعاء ستدفع بالضرورة قوى إقليمية إلى تعزيز الدعم بصورة أو بأخرى للقوى السلفية الجهادية للوقوف بوجه الحوثيين وهو ما سيعزز المواجهة بين الطرفين علي أساس طائفي، خاصة أن واشنطن لا ترى في تلك المواجهة الطائفية أي ضرر على غرار ما جرى ويجري في العراق وسوريا، بل ترى فيها نوعاً من التوازن الداخلي الذي سيغنيها عن التدخل العسكري المباشر.
... بالمحصلة، فإن إيران هي الرابح الأكبر من هذا الانتصار حيث امتد قوس نفوذها من اليمن إلى العراق إلى سوريا إلى لبنان، وتكون بذلك قد سيطرت علي مضيق باب المندب، علاوة على سيطرتها علي مضيق هرمز، الأمر الذي يجعلها تتحكم في كل صادرات النفط من الخليج العربي إلى العالم وهي ميزة استراتيجية ذات قيمة كبيرة في دعم السياسات الإيرانية في الإقليم والعالم.
(امارت 24)