نتنياهو يتخبط إنتخابيا في الجهات الأربع
اسعد العزوني
24-01-2015 02:47 AM
يأمل رئيس وزراء "مستعمرة "إسرائيل ، السوداني المولد والأمريكي النشأة ، وصاحب الموهبة التجارية ، قبل أن يندلق إلى عالم السياسة ، بيبي نتنياهو ، في أن يثبّت إسمه في قائمة أنبياء إسرائيل ، وملوكها غير المتوجين ، شأنه شأن الإرهابي شارون .
هذه الرغبة الملحة ، هي التي قادته إلى حل الكنيست والدعوة إلى إنتخابات مبكرة ، وفي نيته أن يعود أقوى مما كان عليه سابقا ، ويتحرر من حلفائه اليمينيين السابقين ، ويتقدمهم حارس البارات السابق أفيغدور ليبرمان ، الذي يعمل وزيرا للخارجية ، لكن عينه على كرسي رئاسة الوزراء.
منذ أن أمر نتنياهو بحل الكنيست ، حاول التحرش بحركة حماس في قطاع غزة ، وقامت قواته بقتل صيادي أسماك غزيين في البحر ، وسجل القطاع نشاطات عسكرية إسرائيلية ، لكن حماس أفشلت مخططاته ، ولم ترد على تلك التحرشات ، الأمر الذي جعله يقفز إلى باريس ليسجل ضربة إنتخابية هناك ، من خلال إجبار يهود فرنسا كخطوة لأولى على الهجرة إلى "مستعمرة"إسرائيل.
كانت الضربة في صحيفة شارلي إيبدو الساخرة المتصهينة ، حيث شن عملاء عرب مسلمون مستأجرون من الموساد هجوما عليها في الوقت الذي كانت إدارتها تعقد إجتماعا لإعلان إفلاسها .
بعد ردات الفعل المحسوبة وغير المحسوبة ، وإعلان باريس تنظيم مسيرة عالمية ضد الإرهاب ، تمنع نتنياهو في البداية ، عن المشاركة في تلك المسيرة وزيارة باريس ، لكنه في اليوم التالي قفز إلى هناك ليجد ما لا يسره.
أول ضربة تلقاها نتنياهو في باريس ، هي عدم الإحتفاء به من قبل الرئيس الفرنسي أولا ، ومن كبار الضيوف العالميين ثانيا ، ولم يجد سوى أحد الرؤساء الأفارقة أن يتحمله ، ويسير بجانبه وفي أقصى يمين المسيرة منعزلا ، في حين أن رئيس السلطة الفلسطينية ، وجد لنفسه مكانا في منتصف الصف الأول بجانب الرئيس الفرنسي والمستشارة الألمانية ، الأمر الذي أغاظ نتنياهو.
الضربة الثانية التي تلقاها نتنيهو في باريس ، جاءته من يهود فرنسا الذين رفضوا السماح له بدخول المتجر اليهودي ، الذي كان هدفا لعملية إختطاف قتل بسببها أربعة يهود قيل أنهم تونسيون ، وقد نجح نتنياهو في التعويض عن مآسيه في باريس ، بإجبار السلطات الفرنسية أن تسلمه الضحايا الأربعة لشحنهم معه ،ودفنهم في القدس المحتلة ، كتعويض إنتخابي .
أما الضربة الثالثة التي تلقاها نتنياهو في باريس ، فجاءت من يهود فرنسا ، الذين رفضوا الإستجابة لمطلبه القاضي بتهجيرهم من وطنهم الأم فرنسا ، إلى مستعمرة "إسرائيل"، وهم بذلك لم يبتعدوا عن هوى يهود أمريكا والغرب عموما ، الذين يرفضون مغادرة أوطانهم الأم، والهجرة إلى "مستعمرة "إسرائيل.
بعد "غزوة "باريس" ، أمر نتنياهو بإستفزاز حزب الله ،عن طريق غارة طيران إستهدفت قاعدة لمقاتلي حزب الله في القنيطرة بالجولان لسورية ، راح ضحيتها ستة من كوادر الحزب يتقدمهم نجل الشهيد عماد مغنية الذي إغتيل في ظروف غامضة سابقا في العاصمة السورية دمشق ،ومعهم خبير عسكري إيراني .
شعر نتنياهو بهذا الصيد بفخر كبير أضافه إلى نجاحه في جلب الجثامين اليهود الأربعة من باريس ، ولكنه وجد نفسه في ورطة ما بعدها ورطة ، بسبب وجود خبير عسكري إيراني من ضمن ضحايا الغارة التي إستهدفت قاعدة لحزب الله ، ولم يكن منه سوى أن بعث برسالة إعتذار إلى طهران ، قال فيها أنه لم يكن يعلم بوجود الخبير الإيراني في القاعدة ، وهذا بطبيعة الحال عذر أقبح من ذنب ، لكنه نتنياهو .
الورطة لاحقته من باريس إلى القنيطرة ، ففي باريس تبين جليا أن الموساد هو الذي نفذ العمليات الإرهابية بشهادة الأمريكيين أنفسهم ، وبدليل عدم مشاركة الرئيس أوباما في المسيرة المناهضة للإرهاب ، حتى أنه لم يوعز لوزير عدله الذي كان يتواجد في باريس في ذلك اليوم لتمثيله فيها ، بل إقتصرت المشاركة الأمريكية على السفير الأمريكي في باريس.
ففي القتيطرة برز الخبير الإيراني في وجه نتنيهو ، ليشل تفكيره قلقا من طبيعة الرد والموقف الإسرائيلي المتوقع ، بمعنى أنه تحرش بعش الدبابير في عز يوم قائظ ، فإيران هي التي تعطي الأوامر لحزب الله ، ومع ذلك هرب نتنياهو إلى حادثة الباص في تل أبيب ، والتي راح ضحيتها 21 إسرائيليا قيل أن فلسطينيا من الضفة ، يعمل في المصانع الإسرائيلية بدون تصريح ، هو الذي نفذها ، وبغض النظر عمن نفخوا في الكير وأيدوها وهم قاعدون مع الخوالف ، فإن هناك أسئلة كثيرة تدور حول هذه العملية .
سجل نتنياهو نقطة إنتخابية مضحكة من خلال هذه الحادثة وهي أنه كال الإتهام المباشر للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس ، وقال أن عباس وسلطته يحرضون على الدوام ضد إسرائيل ، ولا أدري هنا ماذا يعني التنسيق الأمني الذي تصر عليه السلطة مع أسرائيل ، لإعتقال الشباب الفلسطيني الناشط في كافة مدن وقرى ومخيمات الضفة.
الضربة الإنتخابية الأخيرة - حتى كتابة هذا المقال - ،التي قام بها نتناهو ، في واشنطن ضد الرئيس أوباما ، جاءت بمساعدة وتدبير محسوب ومدروس ، الكونغرس الأمريكي الذي يعمل من أجل إسرائيل لا من أجل مصالح أمريكا .
لقد وجه الكونغرس الأمريكي الدعوة لنتنياهو ، لزيارة واشنطن وإلقاء خطاب تحريضي ضد برنامج إيران النووي السلمي ، كل ذلك بدون موافقة أو أخذ الإذن من الرئيس الأمريكي على الأقل ، وهذه بطبيعة الحال هي المرة الثانية التي توجه فيها الدعوة لنتنياهو لإلقاء خطاب في الكونغرس بدون علم الرئيس اوباما .
هذه الخطوة تعني الكثير في الأعراف السياسية والدبلوماسية ، خاصة وأن الكونغرس ، يقع تحت سيطرة اللوبي اليهودي في أمريكا، ويريد أن يضرب عصفورين بحجر واحد ، الأول مناكفة الرئيس أوباما الذي لا تربطه بنتياهو علاقات ود أو صداقة ، منذ توليه مقاليد الأمور في البيت الأبيض في ولايته الأولى، والثاني مخالفة الرئيس أوباما في الموقف من إيران ، حيث أعلن رفضه الموافقة على مشروع للكونغرس ، يقضي بفرض عقوبات أخرى مشددة على إيران.
وفي خطوة إستباقية قام بها الرئيس أوباما ، كانت بمثابة الضربة القاصمة لكل من الكونغرس ونتنياهو ، أعلن سيد البيت الأبيض ، أنه لن يستقبل نتنياهو خلال زيارته المرتقبة لواشنطن.
أختم أن الفترة الزمنية الممتدة حتى شهر آذار المقبل ، ستكون حبلى بالعديد من الضربات الإنتخابية المفاجئة التي سيقامر بها نتنياهو ، لضمان تحقيق أغراضه الإنتخابية ، ويكون هو الذي يعلن رسميا عن تحقيق يهودية الدولة في "مستعمرة "إسرائيل.