بالمناسبة: الكونجرس ومجلس النواب
طارق مصاروة
23-01-2015 02:49 AM
ساقنا الأرق المزمن بعد منتصف الليل إلى بث حي للخطاب السنوي «حالة الاتحاد» في الكونغرس الأميركي ليلة أمس، وفاجأني هذا التصفيق المستمر بعد كل جملتين في خطاب الرئيس.. فنحن أخذنا علماً من صحافتنا وصحافة العالم أن عهد الديمقراطيين هو عهد فشل في الداخل والخارج وأن الأكثرية في مجلسي النواب والشيوخ صارت جمهورية.
في حالة الاتحاد نتعرف إلى الإنجاز الحكومي، وإلى برامج المستقبل وكلها طموحة، فالاقتصاد منتعش والبطالة تراجعت إلى حالتها الطبيعية، والتأمين الصحي تقرر، وحل مشكل خمسة ملايين مهاجر غير شرعي نافذ.
أما السياسة الخارجية، فالرئيس مُصر على أن الأميركيين لن يعودوا إلى الحروب في وديان وجبال أفغانستان أو العراق أو سوريا أو ليبيا واليمن، وأن السياسة الأميركية العقيمة في كوبا لم تعد قابلة للحياة.
وأن محاولات روسيا تخويف أوروبا أدت بها إلى العزلة والتدهور الاقتصادي، وهذا كلام خطير علينا أن نستوعبه هنا في منطقتنا العربية، فمن غير المعقول أن نفرض على الأميركيين حلاً «لحروبنا الداخلية» أو الدخول طرفاً في منازعاتنا الإقليمية. فإذا كان العرب أو المسلمون غير قادرين على حل مشاكلهم فلماذا نعلق كل شيء في عنق أميركا؟.
ذهبنا بمعية جلالة الملك الراحل إلى واشنطن قبل الدخول في معاهدة السلام مع إسرائيل. وأتيح لنا أن نحضر جلسة الكونغرس بكامل هيئته للاستماع إلى جلالة الملك ورئيس الوزراء رابين.
ومع أننا كنا على قناعة بأن الكونغرس.. «يهود» ومع إسرائيل، إلا أننا وجدنا أناساً يصفقون وقوفاً سبع عشرة مرة للحسين وست مرات لرابين. فقد كان رحمه الله مقنعاً بالارتجال أكثر من الكلمات الإسرائيلية المكتوبة. وتعلّمنا من اقامة غير طويلة، ومن زيارات كثيرة كنا فيها مع جلالة الملك، أن الحضور العربي كان فقيراً جداً في الكونغرس، وأننا كنا نكتفي بشتم أميركا وسياساتها في صحفنا ووسائل إعلامنا، ونسجل مواقف «بطولية» على أنفسنا. والآن نجح قائد الوطن في كسب لجنة صداقة في الكونغرس تهتم بمصالح الأردن.. تماماً كاللوبي الذي نسميه صهيوني.
نتابع خطاب حالة الاتحاد في واشنطن، وفي ذهننا حالة أسعار الكهرباء في مجلسنا النيابي. فقد سمعنا في الأيام الأخيرة تهديدات بحجب الثقة عن الحكومة وغير ذلك. والحكومة لا تريد أن تذكر بأن رفع أسعار الكهرباء قد تم العام الماضي وهذا العام وأن الناس دفعوا فواتيرهم كالعادة، وأن استعادة الأشياء لا ترفع من شعبية أحد.
طالما أن القضية قضية أرقام وحقائق، فلا مجال للعنتريات الكلامية.. والتهديد بحجب الثقة فهذه الحكومة، ككل حكومة، مكلفة من رأس السلطات لتقوم بأعمالها: إنها ليست حزباً لتبحث عن الشعبية. وهي تحترم شعبنا فلا تجامله أو تكذب عليه. فماذا لو حجب المجلس الثقة؟ إن الجميع يذهب إلى بيوتهم، وتأتي وزارة غيرها وعلى صورتها ومثالها. وتبقى أسعار الكهرباء والماء خاضعة للرقم فقط.
(الرأي)