حينما تدخل البطاطا والأرز والبندورة وقبلها الفجل والبصل "اكوزيون" التنزيلات في المولات التجارية الكبرى في الأردن وغيره، وحينما يهرب صحن "الحمص والفول" من أفواه الفقراء، وحينما تشعر عشرات الآلاف من العوائل بان طريق "لقمة الخبز" الى منازلها أصبحت سالكة بصعوبة، ندرك حجم المؤامرة التي تكبر يوما بعد يوم، وربما تصغر، ولكن بكل تأكيد بقرار عالمي.
ما يجري من فلتان عالمي للأسعار حاليا، لا يخضع الى معادلات العرض والطلب وإنما الى التحكم بلقمة عيش الشعوب، حتى يموت الحي منها في الدفاع عن قضاياها المصيرية، والتي بكل تأكيد لا تتقاطع مع مصالح صاحب هذا القرار.
ولان الأردن حي في الدفاع عن قضايا أمته وعلى رأسها الدولة الفلسطينية المستقلة واستقلال العراق وعودة الأمن والاستقرار الى لبنان، فأن لا تجد أم حليبا يرم عظام فلذة كبدها، فهذا هدف من أهداف الداعمين لإسرائيل ووجودها وضمان ديمومة حياتها لا بل تصفيتها من كل من هو ليس بيهودي.
وبعيدا عن حسبة الاقتصاديين ورجال المال والأعمال، فقفز سعر برميل النفط حاجز المائة دولار قرار سياسي دبر بترتيب اقتصادي، فالمطلوب من هذا الارتفاع المجنون في اسعار المحروقات حصار كل ما هو حي في سبيل التسليم بالأمر الواقع الذي تريده إسرائيل، ومن خلفها راعية عملية السلام والعدالة حسب ما تدعي الولايات المتحدة الأمريكية وكل من هو من المحافظين الجدد في أوروبا وغيرها.
والقضية ببساطة، أن الأجندة العالمية المسيطرة على لقمة عيش الشعوب خاصة في العالم الثالث تسعى الى تفجير العلاقة بين الشعوب والحكومات، بتعجيز الأخيرة عن توفير الحد الأدنى لمتطلبات الحياة بعد أن تخلى الطرف الأول عن الصناعة والزراعة في سبيل استهلاك ما أنتجه الغرب تحت ماركة "التحضر".
وإذا أردنا أن نكون منصفين، فعلينا أن نلوم أنفسنا قبل أن نلوم حكوماتنا، لان هرولتنا خلف "الفشخرة والبريستيج الاجتماعي" دفع بحكوماتنا الى أن تكون قراراتها استهلاكية أيضا.
وحتى لا يدخل ما تبقى من قوت الفقراء في اوكوزيزنات التنزيلات، فالمطلوب أن يكون قمحنا وقوتنا، صناعة أردنية وبأيد وطنية.
***الكاتب رئيس تحرير لصحيفة الحقيقة الدولية الاسبوعية