حقق تثبيت سعر صرف الدينار الاردني في العقدين الماضيين نجاحا ملموسا في الحفاظ على استقرار الاقتصاد الاردني و حماية عملته الوطنية. الفلسفة الاقتصادية وراء التثبيت تتلخص بان الاردن دولة مستوردة بالدرجة الاولى و جاذبة لراس المال الاجنبي بالدرجة الثانية. الالية المستخدمة في تثبيت سعر صرف الدينار الاردني تتمثل باحتفاظ البنك المركزي باحتياطي وافي من الدولار الامريكي يكفل امكانية التحويل من الدينار الى الدولار ضمن السعر المثبت. هذه الالية ليست الوحيدة التي يمكن استخدامها لتثبيت سعر صرف العملة , فالكويت على سبيل المثال تنتهج نظام سعر الصرف الثابت و لكن بالية مختلفة تتمثل بالاحتفاظ باحتياطي هجين يجمع بين الدولار و اليورو في خزائن بنكها المركزي.
الالية المستخدمة في ثبيت سعر صرف الدينار الاردني تخلق ترابطا كاملا بين قيمة الدينار الاردني و الدولار الامريكي مما يدعو الى وقفة عند تلك الالية خصوصا عند الاخذ بعين الاعتبار الانخفاض الحاد و المتوقع الذي طرا على قيمة الدولار الامريكي في الاونة الاخيرة و التنبؤات المستقبلية بارتفاع مستدام في قيمة عملات رئيسية اخرى مثل اليورو . الانخفاض الحاد في قيمة الدولار الامريكي امام العملات الرئيسية الاخرى و ما نتج عنه من انخفاض مماثل في قيمة الدينار الاردني مقابل تلك العملات انعكس بشكل واضح على الاقتصاد الاردني. اسعار السلع الاوروبية و غيرها من السلع المستوردة ارتفعت بشكل ملحوظ بالاونة الاخيرة جارة بذلك مزيدا من الاعباء على جيبة المواطن و مزيدا من السخط على الحكومة و فشلها في محاربة التضخم المتنامي و اثره الاقتصادي و الاجتماعي.
حقيقة مهمة اخرى تستحق الوقفة عندها هي ان الدولار الامريكي هو العملة الحصرية المستخدمة في عمليات بيع و شراء النفط. هذه الحقيقة تدفعنا الى ادراك وجود فرصة ضائعة كان يمكن تحقيقها من خلال احطياطي هجين يجمع بين الدولار الامريكي و عملة او عملات رئيسية اخرى. هذه الفرصة تتلخص بقدرة مثل هذا الهجين لو كان متواجدا على التقليل من تكلفة فاتورة الاردن النفطية. فالارتفاع المقابل في العملات الرئيسية الاخرى في مثل هذا الهجين و الناتج عن انخفاض الدولار الامريكي كان سيعظم القيمة الاجمالية لهذا الاحتياطي اذا ما تم قياسها بالدولار الامريكي. النتيجة المباشرة التي كان يمكن الحصول عليها من تعظيم هذه القيمة هو التقليل من كمية الدينار اللازمة لتغطية احتياجات الاردن النفطية. غني عن الذكر ما للتخفيف من اعباء فاتورة النفط من اثر ايجابي تنعكس اثاره على المواطن و الحكومة على حد سواء.
حقيقة الترابط الوثيق بين المنظومة الاقتصادية و السياسية في الاردن لا يمكن تجاهلها. كما ان علاقة الصداقة التي تجمع بين الاردن و الولايات المتحدة كان و لا يزال لها الاثر البالغ في دعم الاردن اقتصاديا و سياسيا على الساحة الدولية. الا انه و بالرغم من كل ذلك يبقى التساؤل قائما حول امكانية ربط الدينار الاردني بسلة من العملات خصوصا بعد قيام دول صديقة للولايات المتحدة مثل الكويت بتطبيق هذه التجربة.