قرر مجلس الوزراء إطلاق يد سلطة المياه في الحصول على المال الذي يلزم لسد الخسائر بجميع أشكال الاقتراض ، بما فيها المرابحة في نشاط لا يحقق ربحاً ليمكن اقتسامه بل يخسر حوالي مليون دينار يومياً ، وذلك اعتماداً على كفالة الحكومة التي تضاف إلى الدين العام دون أن تمر على بند النفقات الجارية في الموازنة العامة وهي صيغة فظة لمحاولة إظهار الموازنة كأنها شبه متوازنة حيث تستثنى تكاليف دعم الكهرباء والماء من باب النفقات الجارية في الموازنة العامة خلافاً للمنطق المالي والمحاسبي.
ليس معروفاً لماذا تكتفي الحكومة حتى الآن بالتركيز على إصلاح أوضاع الشركة الوطنية للكهرباء وضرورة تمكينها من استرداد الكلفة في حين لا تقوم بالمثل عندما يتعلق الامر بشركة مياهنا ، وضرورة تسعير الماء بما يسمح للشركة باسترداد الكلفة.
ليس صحيحاً أن دعم الكهرباء والماء موجود ومستمر ومحمي لأسباب اجتماعية ، أي مراعاة أوضاع الفقراء الذين لا يقدرون على دفع أسعار عالية ، فالواقع أن الفقراء وأبناء الطبقة الوسطى الدنيا لن يثأثروا بالرفع ، لأن مقطوعيتهم لا تخضع لزيادة السعر ، وهم يحصلون على المياه (بلاش إلا ربع). الدعم يقصد به خدمة مصالح الأغنياء من ذوي الاستهلاك العالي والقطاعات الاقتصادية التي تريد كهرباء رخيصة وماء رخيصاً لتغطي على سوء الإدارة وتدني مستوى الكفاءة ، بحيث تربح من الدعم وليس من الإنتاج.
تسعيرة المياة والكهرباء تنعكس بشكل مباشر على الميل إلى الإسراف في الاستهلاك ، فلو كان المستهلك مطالباً بدفع الثمن الحقيقي لما يستهلكه لكان حريصاً على تجنب الإسراف.
التعرفة التي لا تغطي التكلفة تعني ان يتمتع الكبار والأقوياء بالدعم على أن يسدد دافعو الضرائب الفرق لحسابهم.
كلفة الكهرباء والماء سوف تدفع على أي حال ، السؤال هو هل يدفعها من يستهلكها أم جميع الناس عن طريق المال العام والقروض.
الدعم الاستهلاكي لغير المستحقين ولغير الأردنيين هو إسراف وفساد مالي ، لا يبرر استمراره سوى تعسف بعض النواب حرصاً على شعبيتهم ، وتردد الحكومة في تسعير السلع والخدمات بشكل صحيح يغطي الكلفة الحقيقية.
رئيس وزراء سابق يقول: كفانا ترحيلاً للمشكلات... ولنعالج أزماتنا من جذورها.
(الرأي)