زوبعة الكهرباء: هل من مطالب أكثر انصافا؟
18-01-2015 03:29 AM
طالما أن الموارد المالية محدودة، تتعدد المطالبات الاقتصادية والاجتماعية، وتتنافس بينها للحصول على التمويل، والخروج الى حيز التطبيق.
أما اليوم، فلا يجد المراقب على الساحة الأردنية مطلبا الا تجميد قرار رفع تعرفة الكهرباء، من دون منافس، وكأن هذا المطلب هو الأهم؛ والأكثر انعكاسا على معيشة الأردنيين، بلا نظير أو منازع.
الاعتقاد السابق، وما تبعه من انغماس نيابي في معركة "الكهرباء" ضد الحكومة، أمر يحتاج الى مزيد من التروي والدراسة، بغية تقويم البدائل التي تستطيع الحكومة تقديمها للاقتصاد والمواطن، بالتكلفة نفسها المترتبة على مقترح تجميد رفع التعرفة الكهربائية، نتيجة انخفاض أسعار النفط.
لماذا لا يطالب مجلس النواب الحكومة بدفع جزء من قيمة الدعم النقدي، المرصود في الموازنة، لذوي الدخل المحدود، برغم انخفاض أسعار النفط؟ ومن هو الأحق بالدعم والمساعدة؟ القطاع التجاري والصناعي والمنزلي، ذو الاستهلاك المرتفع من الطاقة، أم المواطنون ممن ينخفض دخل عائلاتهم الشهري عن 700 دينار؟
اذا أرادت الحكومة التجاوب مع جزء من المطالب النيابية، واحتمال تكلفة مالية اضافية للعام 2015، فهل يجدر تحمل هذه التكلفة لوقف رفع تعرفة الكهرباء؟ أم لبناء وصيانة المدارس والمستشفيات الحكومية، التي يستفيد منها أبناء الشريحة الفقيرة من المجتمع الأردني؟
واذا كانت الصناعة قد تميزت على غيرها من القطاعات بحصولها على أقل نسبة ضريبة للشركات، فهل تتميز أيضا عن قطاعات السياحة والاتصالات والتجارة والبنوك بالحصول على تجميد لقرار رفع الكهرباء؟ وهل تستوي المصانع التي توظف الاردنيين، مع تلك التي تعتبر الأردن نقطة ترانزيت في نشاطها، حتى في الحصول على العمال؟ وماذا عن الدراسات الدولية التي تدعي بأن تكلفة الكهرباء على المصانع لا تتجاوز الـ 2 % من اجمالي تكاليف الانتاج ؟
في جميع الأحوال، لا يتبادر شك حول أهمية القطاعات الصناعية والتجارية، وضرورة تحفيزها بالسبل والوسائل المتاحة، بيد أن هناك ما هو مهم وما هو أهم، وهنا تأتي أهمية قانون الموازنة العامة، بما يحتويه من استعراض لمختلف أوجه الانفاق، الفرصة والفرصة البديلة.
نقاش تعرفة الكهرباء في معزل عن قانون الموازنة العامة وأوجه الانفاق البديلة، يقود الى الاستنتاج بأن المعركة سياسية في حقيقتها، مدفوعة بتكتلات المصالح، فيها غضب مرحّل من جولات سابقة، وطلب للشعبية، ومقاومة لظاهرة بدأ تكريسها حديثا وتقضي بطول عمر الحكومات.
انخفاض أسعار النفط في مصلحة الحكومة اقتصاديا لا سياسيا!
العرب اليوم