تجاذبات المواطن والحكومة !
د. عادل محمد القطاونة
18-01-2015 02:27 AM
انطلاقاً من منزل أي مواطن في أي محافظة أو قرية أردنية انتقالاً الى مكان للعمل أو للدراسة ، للتنزه أو القراءه، وبين محفز ومنغص يشعر البعض منا بالحزن العميق في حجم الإهمال الذي تراه العين في مكان هنا ومكان هناك، فالعين تتعبها بعض المناظر المؤذية والآذان تزعجها بعض الأقوال الجارحة والجوارح تؤلمها بعض الأفعال المغرضة.
بقراءة بسيطة وفي خضم الإعتصامات والمناوشات والإتهامات المتبادلة يومياً ما بين فئات متعددة من المواطنيين الأردنيين والجهات الحكومية المختلفة، وبين تشهير وتشكيك وذم وتحقير وفساد وتزوير بات المواطن الأردني يعيش دوامة من الأفكار والمواضيع المتضاربة.
إن من المفارقات التي أفرزتها المسيرات بين الحين والآخر في أن أغلب من تبنى أو شارك في هذه المسيرات يؤكد بما لا يحمل الشك أن مطالبه لم تتحقق ، فعنوان مكافحة الفساد والإصلاح كان ولا زال العنوان الأبرز على الساحة الأردنية والذي يرى أغلب النقاد أن التعامل معه بشكل أكثر جدية وموضوعية بات يمثل البوابة التي يمكن من خلالها مصالحة الشعب الأردني مع أجهزة الدولة المختلفة وتعزيز ثقة المواطن بجدية العمل الحكومي لصالح حياته وكرامته، كما يبرز على السطح موضوع الفقر والبطالة الذي ما زال يراوح مكانه منذ سنوات فمعدلات الفقر والبطالة في الأردن لم تتغير منذ سنوات على الرغم من الاصلاحات الاقتصادية!!
في الشق الآخر من معادلة التجاذب يجزم العديد من رجال الدولة على أن الأمور تجري في مسارها الصحيح وأن الطريق الصحيح قد أثمر عن جملة من النتائج التي أسهمت في تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للدولة خلال السنوات الماضية وأن الوضع لا يستوجب التصعيد، وأن كافة الإحتجاجات والمسيرات غير مبررة ومبالغ بها ولا تمثل رأي غالبية الشعب الأردني .
يدرك الكثيرون أن المواطن لا يخفى عليه محدودية موارد وإمكانات الدولة الأردنية ، ولكن هذا المواطن يدرك بأن المديونية التي أربكت حسابات الحكومة هي نتاج للفساد والمحسوبية والفاسدين والإهمال والتخبط الحكومي على إمتداد سنوات سابقة !!
فالمواطن يشعر دائماً بأنه ضحية للفساد والفاسدين وأنه يدفع ثمن أخطاء لم يرتكبها وهذا ليس من العدالة بمكان.
يتساءل البعض في العديد من المحافل السياسية والإقتصادية والإجتماعية من المصيب ومن المخطأ ؟ هل هم المعتصمون أم أجهزة الدولة المختلفة ؟ وهنا أطرح تساؤلاً آخر في نفس الإتجاه : ألا يمكن الوصول إلى نقطة توافق وطني يقف عندها المواطن ورجل الدولة على مسافة واحدة ؟ ألا يمكن طرح كافة المطالب الشعبية والوقوف على حقيقتها وحل الممكن منها وأن تكون أجهزة الدولة أكثر شفافية في ردودها وإستجابتها حتى لا تفقد هيبتها ومصداقيتها مع مرور الوقت.
أخيراً وليس آخراً فإن لغة الاعتقالات والقوة في خضم الأوقات الحالية لم تعد تأتي أكلها ، بل على العكس قد تؤدي إلى نتائج عكسية لا تحمد عقباها ! من هنا كان لزاماً على الجميع التحلي بالحكمة والصبر وضبط النفس وإدارة الأمور بشكل أكثر شمولية وفق رؤية إستراتيجية متزنة وان يسمع كل طرف من الآخر حتى ننتهي في تساؤلنا إلى أين ؟ ويبقى الوطن ملكاً للجميع ، لا يقيده ولا يحكمه إلا المصالح الوطنية التي تسمو دائماً وأبداً على أي مصالح شخصية.