على الفلسطينيين ان لا يراهنوا على المحاكم الدولية بكل اشكالها. فهي في احسن حالاتها تخرمش اخلاقياً ولكنها لا تمارس عدالة «المجتمع الدولي» كما نتخيلها.
الاردن قبل غيره ذهب الى محكمة العدل الدولية وهي حتى الان الاكثر تأثيراً. واخذنا قراراً بعدم شرعية الجدار الامني الذي نسميه الجدار العنصري.. لكن العرب لم يتعاملوا مع القرار في مجلس الامن, فهو السلطة التنفيذية.. لم يطالبوا المجلس بتنفيذ قرار المحكمة. وهكذا تسرّب قرار عدلي سياسي هام في رمال الصحراء العربية.. قبل ان تغيبه اسرائيل وأخواتها!!
الرئيس ابو مازن - اعانه الله - قد يطلب اجتماع مجلس الامن ليعيد مشروع القرار العربي الذي فشل في الوصول الى التسعة اصوات. بعد الاقتناع بأن بداية العام ستغيّر الصورة, لأن اعضاء جدداً دخلوا المجلس..
وهم من اصدقاء الفلسطينيين. لا يريد أحد ان يسأل لماذا الاصرار الفلسطيني على طرح المشروع للتصويت قبل نهاية العام بيوم واحد؟ لا نسأل لأننا نعرف الجواب. فالمزاج العربي السياسي منذ الرباط عام 1974 هو مزاج: ما يريده الفلسطينيون، وهو مزاج لا يصح ان يكون بديل التدخل العربي المفرط فيما لا يريده الفلسطينيون.
نحن مع حالة الحسم الفلسطيني، مع الصدام مع السفالة الاسرائيلية والرذالة الاميركية، ولاننا كذلك-ونحن نعني العرب-فان علينا ان نقول ما نعتقد انه اكثر افادة للفلسطينيين، فلم تخف السيدة الاردنية الجالسة في مجلس الامن عدم اقتناعها بهذا الاستعجال على التصويت، ولم تقتنع بتجاوز تقاليد كل مشروع قرار.
بالتعديلات التي يمكن ان تكسبه اكثرية محترمة، فبريطانيا مثلا كانت لها ملاحظات على بعض الكلمات لانها متقبلة لفكرة انهاء الاحتلال، لكنها امتنعت لانها هي واخريات لم تجد فرصة التشاور، وخسرنا صوت دولة مسلمة هي نيجيريا لان احدا لم «يلتكش» بها.
كان هناك استعجال على الوصول الى رفض المشروع، وكأن الرفض كان جزءا من سيناريو فلسطيني يبدأ ويعرف الى اين ينتهي.
لا يهم فالطريق طويل لكنه خطر جدا وينبغي درس التفاصيل والاجماع ولو على الحد الادنى، وتبقى حماس التي تناور وهي تقف على رأس الدبوس، فما معنى مناكفة حكومة الحمدالله على «دفع الرواتب» والجميع يعرف ان السلطة مفلسة ماليا؟ وما معنى عقد المجلس التشريعي اذا لم يكن هناك نصاب قانوني؟ ثم لماذا المشاركة في ترتيب اتفاقية اوسلو اذا كانت حماس لا تعترف بها، لماذا الاشتراك في المجلس التشريعي وتشكيل الحكومة، وهي فروع ملزمة باوسلو ومتطلباتها الامنية؟
في الازمات الداخلية لا بأس من لعبة المناورة، لكن مع اسرائيل، لا مناورة، لان الاقدام الفلسطينية السيادية ليست على الارض.
هي مناورة لا مساحة لها، لانها تقف على رأس الدبوس.
(الرأي)