غزة ومعبرها وحدود اللعب المسموح
عمر كلاب
17-01-2015 03:14 AM
لم تنفِ الرئاسة المصرية لقاء الرئيس السيسي مع دحلان، لكن معبر رفح لم يفتح ابوابه كما قالت المصادر المقربة من دحلان الثلاثاء الماضي، بل سرعان ما التقى الرئيس السيسي الرئيس الفلسطيني محمود عباس واغدقت الصحافة المصرية على اللقاء مزيدا من الحفاوة دون اشارة الى معبر رفح، تاركة امر المعبر الى تسريب صحفي لاحد قادة الاجهزة الامنية مع قناة محسوبة على النظام ومع صحفي تعتبره وسائل الاعلام المصرية مقرّبا جدا، ليقول القيادي المصري عن توقيت فتح المعبر “ في المشمش “ .
معبر رفح او بوابة النجاة العربية الوحيدة لقطاع غزة بات ورقة سياسية تتقاذفها المكونات الفلسطينية وتضغط بها الادارة المصرية على المكونات، فكل راغب بشعبية او بحضور على حساب خصمه السياسي يعلن عن قرب افتتاح المعبر او عن جهوده المثمرة في فتحه، وكلما ارادت مصر اعلان دعمها لطرف او مقايضة طرف تعلن ذلك عن طريق المعبر اغلاقا او فتحا، ويبدو ان القيادي المصري قد حسم الامر بقوله في المشمش، وهو تعبير مصري يعني الاستحالة في الظرف الراهن على الاقل.
مصر وفي اوقات سابقة اعلنت ارتياحها لسلوك القيادي الفتحاوي محمد دحلان ومنحته تسهيلات اقتصادية وسياسية لدخول قطاع غزة واحياء نفوذه هناك وابدت اكثر من مرة امتعاضها من الرئيس محمود عباس وطالبته بإنهاء الخلاف الفتحاوي – الفتحاوي والكفّ عن وصف دحلان بالمفصول والقاتل، لكنها وبعد وعود الثلاثاء المنصرم اظهرت بداية انقلاب في موقفها على دحلان وبداية تقاربها مع عباس والاستناد هنا الى تفس القيدي الامني المصري الذي كال لدحلان انتقادات من العيار الثقيل مقللا من شأنه على الصعيد المصري والفلسطيني .
الامر مرتبط بالعلاقة التي ينسجها دحلان مع حركة حماس في قطاع غزة وهي علاقة بدأت تظهر الى العلن وبدأت تهدد حكومة الوفاق الوطني وتهدد رئاسة محمود عباس المنتهية منذ سنوات، وهذا التقارب بالقطع مرفوض مصريا مهما بلغت درجة القرب من دحلان او احتفاظ الذاكرة المصرية لدحلان بدوره في دعم خصوم جماعة الاخوان ومساندة حركة تمرد التي قادت الشارع المصري للانقضاض على حكمهم ،ويبدو ان دحلان تورط في العلاقة مع حماس اكثر من الحد المقبول مصريا، مقابل تمسك عباس بخصومته لحماس حتى في لحظات المصالحة وانتاج حكومة التوافق فبات اكثر موثوقية من خصمه في هذا الملف الحساس عند المصريين.
محور حماس – دحلان خسر جولة المعبر وعباس لم يكسبها حد اللحظة، فهذا الملف مربوط بخيوط متعددة وشائكة منها الخيط الاسرائيلي القوي وخيوط الدعم الاوروبي الرخوة نسبيا في ظل حيادية الخيط الامريكي وكل هذه التشابكات تنتظر اذار المقبل لمعرفة رئيس الحكومة الاسرائيلية وشكل الكنيست وقواه الفاعلة في الحكومة والقرار الاسرائيلي وثمة اجماع عربي امريكي اوروبي على عدم منح اليمين الاسرائيلي اوراقا رابحة في معركته الانتخابية القادمة وفتح معبر رفح يصب في هذه الخانة فهو قرار ستعتبره حماس نصرا لها بل وتتويجا لنصر حرب غزة الذي كان عنوانه المعبر بشكل رئيس مع اضافة الميناء والمطار لتحسين شروط التفاوض عليه .
دخول معبر رفح في تفاصيل السياسة المصرية الداخلية بحكم ملف سيناء ساخن اضاف تعقيدا اضافيا على حركته وكل محاولات القيادات الفلسطينية انتزاع نصر في ملف المعبر على الطرف الاخر لن تفلح قبل استكمال مصر ملف سيتاء واستكمال الانتخابات الاسرائيلية ، وعليهم مكاشفة الغزيين بالامر واغلاق بوابة الابتزاز السياسي للشارع الغزي الذي بات يصحو وينام على حلم اقتراب فتح المعبر ، وسط تصريحات القيادات الفلسطينية التخديرية للناس والعبث باوجاعهم .
مصر تشهد بوصلتها الفتحاوية تغييرا وهذا سينعكس على موقفها من المعبر والطرف الحائز على جائزة افتتاحه وهذا كله مربوط بإزاحة حماس عن حكم غزة، فمن يستطيع ذلك ؟
(الدستور)