في الأردن، يعامل القطاع السياحي بتهميش كبير، وترى وزارة السياحة، منذ فترة، تُلحَق بوزير العمل نضال القطامين، الذي يدير وزارة ترهقها الملفات الثقيلة والمعقدة.
فوزارة العمل بمشاكلها ربما تحتاج إلى أكثر من وزير؛ إذ لا يقوى وزير واحد على حمل كل ملفاتها الصعبة، وأبرزها أزمة البطالة التي تتفاقم شعبيا، رغم أن الأرقام الرسمية تشير إلى تراجعها، وهو ما يحتاج إلى تفسير مقنع في ظل وجود اللاجئين السوريين.
بالعودة إلى وزارة السياحة وإدارة القطاع السياحي، فقد كان يؤمل من الأخير تحسين مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي، بما ينسجم والكنز التاريخي والأثري الذي تضمه بلادنا. بيد أن التعامل مع هذا القطاع بقي دون الطموح، بحيث ما تزال مشاركته في النمو أقل من المأمول، وكذلك مساهمته في حل مشكلات الأردن المزمنة لو أحسنّا استثماره.
تاريخيا، ثمة قصور في تقييم أهمية دور وزارة السياحة من قبل الحكومات المختلفة؛ فوزير السياحة ليس عضوا، مثلاً، في لجنة التنمية. وقد تفوقت الحكومة الحالية على سابقاتها بإلحاق "السياحة"، كحقيبة ثانوية، بوزارة أخرى.
حتى اليوم، لم تقدّر أهمية السياحة، باعتبارها قطاعا يستدعي وجود وزارة سيادية مهمة ومؤثرة؛ ليس على الصعيد الآني، بل أيضاً على مستوى مستقبل البلد واقتصاده، خصوصا إذا ما نظرنا إلى دول جعلت من السياحة صناعة وأداة لتسويق بلدانها أكثر فاعلية من أي قطاع آخر.
أهمية القطاع السياحي تتمثل أيضاً في أنه لا يحتاج إلى استثمارات ضخمة مقارنة بقطاعات أخرى، بل هو يتطلب استثمارات مساعدة، تسوّق، بشكل حقيقي، ما لدى الأردن أصلاً من إرث ديني وتاريخي. وليبرز هنا التقصير الرسمي، بقصد أو من دون قصد، في توفير التمويل اللازم والكافي لتسويق الأردن سياحيا.
صحيح أن الأرقام العامة الخاصة بالقطاع كانت إيجابية، لكن التحسّن الحاصل فيما يتعلق بحجم الدخل السياحي وعدد السياح، يمكن أن يتضاعف مرات، بشكل يساعد على إحداث نقلة كبيرة في اقتصاد الخدمات، والقطاعات الكثيرة المساندة للسياحة.
إذ بحسب البيانات الأولية الصادرة عن البنك المركزي، فقد زادت عائدات المملكة من الدخل السياحي خلال العام الماضي، لتبلغ 3.1 مليار دينار؛ بارتفاع نسبته 6.3 % عن العام الذي سبقه.
الحكومة مقبلة على تعديل وزاري، والمنطق يؤشّر إلى ضرورة شمول وزارة السياحة بهذا التعديل، لتكون وزارة مستقلة كاملة الدسم. وذلك كخطوة أولى لإنعاش القطاع، بانتظار الخطوة الثانية التي يُفترَض أن تتم قبل إقرار الموازنة العامة وموازنة المؤسسات المستقلة؛ بحيث يصار إلى زيادة مخصصات التسويق والترويج للقطاع السياحي، لفتح أسواق جديدة ترتقي بأداء القطاع وعائداته.
طويل هو الإهمال والتهميش الذي عانى منه قطاع السياحة، وربما جاء الوقت الملائم لتطوير أشكال سياحية جديدة في الأردن، وإنعاش أخرى تكاد تذوي بسبب غياب التشريعات أو إهمال تطبيقها، ناهيك عن ضعف الحديث عنها.
الأردن بآثاره وكنوزه، هو متحف مفتوح؛ إذ يضم أكثر 250 ألف موقع أثري على الأقل، تمثل حقبات تاريخية مختلفة. لكنْ ثمة تقاعس رسمي عن افتتاح هذا المتحف وإدارته بحرفية. وما ستتخذه الحكومة بخصوص العقبات السابقة على صعيد الإدارة والتمويل، سيؤشّر إن كانت الحكومة جادة في افتتاح المتحف، أو الإصرار على إبقائه مغلقا إلى حين.
(الغد)