الحكومة والنواب .. هل هي "معركة كسر عظم"؟
15-01-2015 05:01 AM
عمون – وائل الجرايشة – ربما ما يدور في عقل الائتلاف النيابي أو منظرّيه على الاقل تجاه الحكومة يختلف تماماً عما يراه كثيرون وفق ما يؤكد قيادي بارز في الإئتلاف لـ عمون.
الإئتلاف المكون من 82 نائباً سمع انتقادات كثيرة منذ تشكيله على اعتبار أنه "حائط صد" لحكومة الدكتور عبد الله النسور ، لكن ربما يُغير الإئتلاف من قواعد اللعبة ويصبح مصدر ازعاج لها بعد أن اطلق تهديداً واضحاً للحكومة بسبب تعاطيها مع ملف رفع أسعار الكهرباء.
مقربون من رئيس مجلس النواب المهندس عاطف الطراونة الزعيم الروحي للإئتلاف يرى أن الحكومة "تمادت بالاستخفاف بمجلس النواب" في القضايا التي تهم الرأي العام و"لم تعد تقيم وزناً لمقترحاته".
من هذا المنطلق ينقل مقربون عن الطراونة لـ عمون أن الرجل غير راضٍ على الاطلاق لأسلوب الحكومة الذي لا يهدف إلا للتقليل من شأن المجلس أمام الشارع، والقضية تتمحور بان الحكومة لا تعطي اي "كريدت (رصيداً)" للنواب أمام ناخبيه.
وقد نُقل لـ عمون على لسان الطراونة بأن قصة "رفع اسعار الكهرباء" لن تمر مرور الكرام ولن يقبل المجلس بأقل من تلبية الحكومة لرغابات النواب.
الحكومة التي لا بُد لها أن تخطب ودّ المجلس خلال الاسابيع المقبلة حيث أن هنالك استحقاقاً دستورياً قبل نهاية الشهر الحالي يتمثل في مشروع قانون الموازنة العامة للسنة المالية 2015 وموازنات الوحدات المستقلة، والذي يشكل اقراره بمثابة "تجديد الثقة" للحكومة.
الطراونة يرى أن هذه المعركة قد تصل الى مرحلة "كسر العظم"، بل نقل المقربون منه قوله " إن الدورة العادية الثانية لمجلس النواب لن تكون كسابقتها".
الحكومة التي استدعت على حين غرة السفير الاردني في تل ابيب بسبب الانتهاكات الاسرائيلية للمقدسات لم تكن من قبل تستجيب لاي نداءات نيابية حول ذلك، ولم تلفت الى هذه المطالب وغيرها ولم تعطها اي اعتبار، وهو ما يسجله النواب في "دفتر العلاقة" بين السلطتين الذي امتلأ -على حد وصف قطب في مجلس النواب-.
ورغم استخفاف نواب غير محسوبين على الائتلاف البرلماني بالبيان الصادر يوم الثلاثاء الماضي والذي حمل لغة نقدية للحكومة إلا أن نواباً ينتمون إلى الائتلاف يرون غير ذلك فالأمر لم يعد يحتمل "التسويف" أو "التهاون" مع الحكومة.
في البيان أكد الائتلاف أنه "في حال إصرار الحكومة على موقفها وتفردها بالإستمرار بإتخاذ قرارات مجحفة تتعلق بأسعار المحروقات والكهرباء فإن الإئتلاف الوطني النيابي سينحاز إلى نبض الشارع الأردني ومصالح جموع المواطنين".
البيان وبشكل خلا من الدبلوماسية و"التمويه" لوّح بسحب الثقة من الحكومة حينما أكد انه " سيضطر للمباشرة بخطوات تصعيدية ضمن الإجراءات المكفولة لمجلس النواب بموجب الدستور لإبطال أية قرارات يراها تزيد من أعباء المواطنين بصورة غير مبررة وغير عادلة".
هذا حال الائتلاف الذي يحسِبه مراقبون على انه "مقرب" فكيف بأطراف اعتادت على معارضة الحكومة التي ستؤازر الائتلاف في حال اقدم على اي خطوة من شأنها تشكيل خطورة جدية على وزارة النسور.
ويمكن العودة الى جلسة مجلس النواب مطلع الشهر الحالي (بتاريخ 4 / 1 / 2015م) حينما حوّل رئيس المجلس الطراونة الجلسة ب"مرونة" بالغة وواضحة الى جلسة مناقشة عامة لبحث رفع اسعار الكهرباء في تناغم جلي مع صرخات عدد كبير من أعضاء المجلس.
ولوحظ أن الانفعال النيابي وصل الى مراحل غير مسبوقة حتى أن نائباً لم يكن معتاداً على المعارضة بهذه الطريقة وهو النائب ضيف الله السعيديين حث زملاءه على طرح الثقة بالحكومة و"الانتصار للشعب" اذا لم تتراجع عن رفع اسعار الكهرباء، واصفاً الحكومة بانها "اعطيت اكبر من حجمها وتمادت على مجلس النواب وضربت قراراته بعرض الحائط وكأن المجلس اداة بايديها".
سبقه الى ذلك مجموعة من النواب اعلنوا مقاطتعهم للجلسات اذا ما استمرت الحكومة في قرار رفع اسعار الكهرباء، بينهم النائب خليل عطية الذي كان قد ادلى لـ عمون بتصريحات خشنة حول حكومة النسور هاجم فيها آداءها خاصة في الملفات الاقتصادية.
ويتضح التذمر النيابي من الرسائل التي بثوها فقد قال النائب محمد هديب أن كلام هذا المجلس اصبح فارغاً ولا وزن له، واتهم الحكومة بأنها "ضربت بعرض الحائط كل مطالبات الكتل النيابية"، فيما طالبت النائب رولى الحروب "على لسان كل الاردنيين" رحيل الحكومة التي اذلت الشعب.
ويشكك النواب بصدقية الحكومة في تعاملها مع ملف النفط واسعاره حيث قال النائب احمد الهميسات ان رفع الاسعار لا يتفق مع المبررات التي ساقتها والتي لم تعد قائمة بعد انخفاض البرميل الى اقل من 60 دولارا، واعتبر أن رفع الكهرباء سيضر بالقطاع الاقتصادي وستعود على المواطن.
حتى أن رئيس لجنة الطاقة النيابية جمال قموة قارن بين الاسعار المحلية والاسعار في الاقليم وقال ان المشتقات النفطية نزلت بطريقة لا بد أن تنخفض معها اسعار الكهرباء.
لن يقبل النواب بالتعنت الحكومي، هكذا اظهرت خطاباتهم في جلسة مجلس النواب خلال مناقشة قرار الحكومة المستمر برفع اسعار الكهرباء والذي تمسك به رئيس الوزراء عبد الله النسور وقال أن لا تأجيلاً على تطبيقه.
النواب قد لا يُمرر مشروع قانون الموازنة العامة اذا اصرّت الحكومة على موقفها ويعد ذلك بمثابة التصويت على حجب الثقة عنها، وهو ما أشار إليه النائب سعد البلوي عندما تعجب من مداخلات النواب التي تطالب الحكومة بالتراجع عن قرارها رغم اقرار البرلمان لمشروع قانون الموازنة العام الماضي، مطالبا النواب ان يقفوا وقفة رجل واحد ويردوا مشروع قانون الموازنة اذا كان همهم الغاء قرار رفع اسعار الكربهاء.
وعلى وقع الغضبة النيابية طُرحت مذكرات لحجب الثقة ربما تعرض على المجلس ايضا بعد ان تصله توصيات اللجنة المشتركة التي شكلها من اللجنتين (المالية والطاقة) للنظر في مقترحات النواب والخروج بتوصيات.
وكان مجلس النواب توصل الى اربع توصيات قدمها النواب خلال المناقشات وهي تجميد الحكومة القرار ، واحالة قرار رفع اسعار الكهرباء الى لجنة الطاقة النيابية لدراسته ، تشكيل لجنة تحقيق في ملف ادارة الطاقة، والطلب من اللجنة المالية عدم التصديق على بند موازنة شركة الكهرباء المتضمن رفع الاسعار في قانون الموازنة.
فصول مشهد الاشتباك الحكومي النيابي سينتهي في قابل الايام ولا يُعرف إن كانت المعركة ستفضي الى ما افضت غيرها من المواجهات أم أن النواب سيسدلون الستارة على مشهد مختلف؟.