عبد الله الثاني : ملك “الانجاز بين الاجيال”
د.عبدالفتاح طوقان
13-01-2015 08:44 PM
عبد الله الثاني ملك المملكة الاردنية الهاشمية نوع مختلف بين اقرانه علي مستوي العالم ، فقد ورث تركه يصعب معها النهوض، و تزبد بها العقول ، و يصادف الشهر القادم خمس عشر عاما علي تحمل الملك مسؤولياته الدستوريه ملكا علي البلاد في ظروف اقل ما توصف تهد الجبال و تخيب الامال ، و مع ذلك لم يستسلم و لم يضعف و لم تخنه ذاكره مسؤولية الهاشميين تجاه وطنهم و شعبهم فوقف و انتصر و من حق الاردن ان يحتفل بمرور تلك السنوات احتفالا من نوعا اخر يعتبر بدايه عهد جديد و بيعه جديده و افكارا تتطال السماء لتحقق الحلم الاردني .
و اقصد اولا انها مملكة محاصره جغرافيا بكماشه “الشرق الهشيم “ سنها الاعلي احتلال اسرائيلي ساعي الي هضم الاردن و تصدير الفلسطينيون الي بوابه خلفيه حاملين قضيتهم و مشاكلهم و مآستهم عبر النهر، و “غرب غشيم “ يمثل سنتها السفلى حاكم مليء باطماع السيطره علي ثروات الخليج من خلال البوابه الاردنية ، وقد رحل و العراق محمل بصراعات طائفيه وغوغائيه ، و اطاح الشعب العراقي بحاكم اضاع عراق العرب المجيد و سلم الخليج و ثراوتها لقمه سائغه للامريكان.
و خلال خمس عشر عاما، منذ ان تولي الملك عبد الله الثاني الحكم بعد رحيل ملك لم يعرف الاردنيون و العرب غيره ملكا حاكما لاربعين عاما ، استلم فيها دوله عليها من الديون و تراكمات الازمات ما يجعل الناقه ذات صبر لا يهون تفقد بوصلتها .
و ازداد الامر تعقيدا في ربيع عربي مغلف باخوان و اعصار مجنون و انهالت افواج السوريون المهاجرون نتيجه ازمه حكم و شجون و هدد الخليج الامن بطموحات ملعون .
كان حجم الدين الاردني منذ خمس عشر عاما يتجاوز سبعه عشر مليارا، و عدد السكان في حدود سته مليون بينما اليوم الدين في حدود اثنان و عشرين مليارا ، اي بزياده خمسه مليارات و هو ما يعتبر انجازا اقتصاديا حيث ان المرحله كانت غاية في الصعوبه ، و كان الخيار الابقاء علي هواء متدفق رغم الكلفة العاليه التي سيتحملها الاردن عوضا عن ثاني اكسيد الكربون الخانق ، و كان جزءا كبيرا من ارتفاع الدين هو فوائد الدين الاصلي و خدمته ، و جزءا اخرا نتج عن اعباء المهاجرين السوريون و العراقيون ،و ما تحملته المملكة بالاضافه الي ثمانيه مليارات تحملتها مسبقا بسبب الهجره الفلسطينيه في سنوات ١٩٦٧ و جزءا نتج عن الثورات العربيه التي عطلت مسيرات التنمية و ضربت اقتصاد الشرق الاوسط ، و جزءا اخر نتج عن انقطاع الدعم الخليجي المساند ، و الجزء الاهم تسديد لبعض المشاريع التنموية و الجزء الاكبر ناتج من ارتفاع و تضخم الاسعار عالميا .
في كل هذا و ذاك الخضم فآن الملك عبد الله الثاني كان واعيا لكل الحصارات الاقتصاديه و المسببات الدوليه التي لا ذنب لبلد مثل الاردن فيها . و يعبتر المحافظة علي هذا المعدل من الدين انجازا منقطع النظير لانه بالامكان في ظروف اخري ان يطيح بدول اكثر استقرارا .
و لقد نجح الملك عبد الله الثاني في خمس عشر عاما في تعزيز النقل الفاعل وفي نقل عده اجيال متداخله و دمجهم في جيل جماعي متطور الفكر و العلم دون التاثير علي خصوصياتهم و حرياتهم السياسية ،وسعي لانشاء جيل يتسم بالثقافه الجماعيه و الانجاز القيم .
و هذا” الانجاز بين الاجيال” للملك عبد الله الثاني و نقل المفاهيم من جيل الي جيل ضمن اطار ومفهوم الجماعية (Intergenerational Transmission of Collectivism )، و ضخ ايقونة تفاعل بين كل جيل و آخر ، يشكل ضغطا جيوسياسيا في العاده علي الحكام، و مع هذا تحمله الملك عبد الله الثاني ضمن المخاطر المحسوبه بكل شفافية و اقتدار بماعاد علي البنية المجتمعية بالايجاب، و هذا لا يقدر عليه الا حاكم يسعي الي ان يكون صاحب رؤيه شامله و جامع للثقافه المتعدده المتجانسة . حاكم يسعي لان يحرر دوله من عسكر قديم و محافظ و جيل متطور ديجيتل و اجيال توصف رجالها و نسائها و تفصلهم و تفرقهم باعتبار الكبير و الصغير و الذكر و الانثي ، لينتقل بهم جميعا من جيل قديم و جيل معاصر و اجيال متقطعه بها من الانفصال اكثر من الوحده ، و دون ان يقطع خيوط التواصل و الارتباط و التفاعل و الحواريه بين الاجيال و الحراك الاجتماعي ، ومتبنيا الانفتاح و الحوار المحترم المتبادل بين جميع الاطياف علي ارض واقع دون احلام الاطلال و ذكريات الحقد و كره الماضي، الي جيل نوعي جديد.
و لقد نجح في الخروج من نفق لا ذنب له الدخول اليه محملا بالامل و الجراح و خرج من النفق بآقل الضرر الاقتصادي .
لقد اسس الملك عبد الله الثاني خلال خمس عشر عاما ، مجتمعا خاليا من صراعات الاختلافات بين الناس ، من صراعات عاصفة بين جيل الشباب وكبار السن ، و بعث بآسس وروح مليئه بالجوامع و الروابط و الاراء المتعدده دون ثقافه الجدل البزينطي ، و تلك مرحله قادمة في اشد الاحتياج لم يفهم التوجهات و التطلعات الملكية فيحافظ عليها و يساهم في انجاحها كما يغذيها و يحافظ علي شمعتها.
لقد نجح الملك عبد الله الثاني في خلال خمس عشر عاما في الغاء الفاصل الزمني بين الاجيال و اضاف مساحة في شرايين التفكير ضمن ثقافه التجديد و الاستدامه و العقول الخضراء غير المتيبسه لفهم التحديات و بنآء ثقة بين الاجيال ، و التصديق علي ردم الفجوة بينهما و ذلك انطلاقا الي مواكبه العصر الحديث و المستقبل القادم ضمن تغيير جذري في الشكل و المنهج و المنظر.
اعتقد مثل كثيرون غيري ان بعد فبراير ٢٠١٥ ، بعد مرور احتفاليه الخمس عشر عاما علي تولي الملك الحكم الدستوري ، ، فآن الساحه السياسية و الاقتصاديه و الاجتماعية ستنتقل الي منصه اطلاق ملكيه تحمل افكارا تغييريه ، و مشاريع مستقبليه، و نقله نوعيه في مؤسسة الحكم و السلطة التنفيذية و التشريعية ، و في طريقه ادارة البلاد بما يدفع بها الي افاق الحلم الاردني الذي انتصر علي كل المعيقات .
انها مرحلة “المستقبل “ الجديدة برعاية “ملك الانجاز.
نقول من اعماق قلوبنا “هلا فبراير “.
aftoukan@hotmail.com