جلالة الملك لا يواكب الحدث في مسيره فقط ، ولكنه يسبق الحدث في تفكيره وخططه وتوجيهاته ، لذا فإنه ليس من السهل أن نجد مسؤولا يترجم رغباته وتوجيهاته عمليا على أرض الواقع ، وعلى هذا فإن مآثر جلالة الملك تراكمية وتسجلها الأيام يوما تلو يوم ، ومكارمه تتتارى على أبناء شعبه من فقراء البادية والقرى والمخيمات التي عانت من تهميش الحكومات ردحا من الزمن ، وهذا ليس سرا نخفيه ، بل إنني ربما آخر من يتحدث بهذا .
وهنا نجد إن الملك رهن نفسه وحياته لتكريس مبدأ ٍ سام ٍ في هذه الحياة ، وهي مهمة خدمة شعبه الذي يستحق ان يكون أهلا للاهتمام والرعاية ، فالملك هو ابن هذه الأرض الطيبة ، وحادي ركب هذه الأمة ، ومنذ بدأ مسؤولياته كملك هاشمي أولى جلالته المواطن الفقير كل اهتمامه ، وجعله محجاً دائما ، فهو يفاجئ أهل قرية نائية ، قد لا يعرف اسمها عطوفة المحافظ هناك ، ولم يتفقدها مدير تنمية ، ولم يهتم بها مدير التربية ، أما الوزراء فحالهم ليست بأفضل من موظفيهم هناك .
لقد ضرب " المعلم " مثلا في الوفاء لأهله الفقراء ، حينما نسيهم السادة الأغنياء من صدقاتهم ، فابتدع بدعة حسنة يؤجر عليها في كل إغماضة لطفل نام وهو ممتلئ البطن ، دافىء الظهر ، حالم بغد أجمل ، حيث قام بتسيير قوافل الخير في كل مناسبة وعبر فصول السنة ، لتجوب محافظات المملكة ، في كل قافلة 18 الفا من الطرود التي تحمل المؤونة للعائلات التي تنظر الى مليكها المحبوب على إنه هو المخلّص ، وليفرح أبناء المدارس الأقل حظا بدفء اللباس الشتوي والحقائب والحليب المغذى بالفيتامينات .
ولأن مكارم الكرام يثنى عليها ، فإنها قد سترت آلاف العائلات في بيوت أبدع فكرتها وأوعز ببناءها الملك ، فحمتهم من حرّ الصيف وقرّ الشتاء ، وجعلتهم يحسون بالآمان تحت سقوف بيوت حلموا ان يسكنوا مثلها .
رأيناه يجالس عجوز ليس لديها سوى " مدرقة " ترتديها طوال العام ، ولعل رائحة دخان الحطب يعبق في طيات ثيابها ، وتراه يداعب الفرح النائم في أعماقها فيوقظه من سباته العميق ، ولا يصد عن أبناء القرية الذين يتراكضون لمصافحته ، لتنهال عليه القـُبل من شيوخ طواهم الطوى ، وأسكنهم الهوى في وطن لا تنطفىء له نار ، ولا يضام فيه ابن مروءة .
قالت العرب يوما : الصديق وقت الضيق ، وعندما تضيق الحال بأهل الدار ، فمن أصدق من مليكهم ، شعلة الحيوية والهمة ، الذي يسابق الزمن لتدارك الأيام ، وتوفير الممكن لأبنائه الفقراء في زمن اللا ممكن .
أيها الفقراء .. الملك قريب منكم .. يعلم بحالكم .. يحمل همكم ، لذا فهو صديقكم عند ضيقكم ، وسيفه يحميكم من جشع المتمردين على الحق ، الذين يحاولون المساس بأكثر أسباب الحياة أهمية لكم ، فلا تاجر ، ولا متاجر ، ولا مسؤول متلكئ ، ولا مُهدد لأمنكم ، يمكنه أن ينام قرير العين بعد ان ظلمكم ، فعين الملك ساهرة لأجلكم .
ولأن الملك وحده لا يستطيع ان يلمّ بكافة تفاصيل حياتكم ، فادعوا الله أن يبقى بعض الصالحين ضمن بطانته ، فعلى الرغم من متابعة جلالته لقضايا الناس عبر وسائل الإعلام فإن المهمة السامية لإعلام ديوانه يتصدى لها رجال مخلصون لوطنهم وأهلهم وقيادتهم ، ولدائرة حقوق أمن الوطن دورها البارز في التنويه الى مكامن الوجع ، فقد قامت هي الأخرى بتوزيع طرود الخير في أشهر رمضان الماضية ،
والخبر الحصري في " عمون " اليوم الذي يفيد بطلب الملك لرئيس وزراءه فورا صباح اليوم ، يفيد بأن جلالته يقرأكم جيدا ..
لذا ترغمنا محبة هذا الوطن ، ومحبة قيادته ، للبوح حينا ، على الرغم من إحباطات القرارات الرسمية في احيان ، وإرهاصات الواقع المرّ في أحيان أخرى ، ولأن معنى البوح هو الشكر للملك على مكارمه لفقراء شعبه ، فاعتقد ان كلمات متواضعة لا تفي المقام حقه .