أرقام غريبة عن احتلال العراق
10-04-2008 03:00 AM
تعودنا أن نقرأ عن احتلال العراق في المجلات السياسية والاقتصادية، لكن مجلة أمريكية موجهة لاصحاب رؤوس المال المغامر خصصت قصتها الرئيسية في عدد شهر آذار الماضي للحديث عن جانب آخر من احتلال العراق يذكرنا بمنطق الصفقة!
مجلة Inc لا تخاطب السياسيين كما أسلفنا، وإنما رجال أعمال ومقاولين مستقلين يفترض أنهم يتجنبون مواقع النزاعات في العادة... لكن المجلة لم تكتب لكي تحذرهم من الذهاب إلى العراق بل لتشجيعهم للذهاب هناك.
ما هي القصة؟ باختصار، أصبح العراق الآن منجم الذهب بالنسبة لرجال الأعمال الشباب والمقاولين المستقلين إلى حد أنه يتواجد في الأراضي العراقية حاليا ما يزيد قليلا عن مائة وثمانين ألفا من هؤلاء، هذا بالطبع عدا عن الشركات المتوسطة والكبيرة. وتطمئنهم المجلة أن العراق مكان آمن للعمل إذ لم يقتل منهم إلا ألف فقط خلال خمس سنين!!
والكل يهبش! سألت واحدا من هؤلاء عن عمله، فأخبرني أنه كان ضابطا في الجيش الأمريكي ووجد فرصة فتقاعد... وأسس شركة يجني منها الملايين.. كيف؟ حصل على عطاء تصريف المياه العادمة في عدة مدن عراقية، وجميع موظفيه ومهندسيه وعماله عراقيون... هو الوحيد ذو العيون الزرقاء.. هم يعودون إلى بيوتهم بلا أمن ولا أمان وهو يعود للمنطقة الخضراء، هم يجنون ملايين الدنانير العراقية (تعرفون قيمتها!!) وهو يجني ملايين الدلالير الأمريكية!!
نعود إلى تقرير المجلة إياها: حيث يتبين أن معظم هؤلاء المقاولين يحصلون على عطاءاتهم مباشرة وزارة الدفاع الأمريكية حتى قبل القدوم للعراق وذلك لتقديم الخدمات للإدارتين المدنية والعسكرية الأمريكيتين في بغداد... وفي العام 2006 بلغ حجم العقود التي حصل عليها هؤلاء 151 مليار دولار، ومرة أخرى هذا عدا عن الشركات المتوسطة والكبيرة. ويمنح 40% من هذه العقود على أساس غير تنافسي، أي بالشراء المباشر!
ومن بين المائة وثمانين ألف مقاول مستقل، هنالك 6 آلاف مقاول يقدمون (خدمات عسكرية خاصة في إطار عمليات الهجوم التكتيكية)، يعني بلاك ووتر مصغر!!! وهؤلاء هم الذين يحصلون على الجزء الأكبر من الكعكة.
وتستفيض المقالة في نشر عدد مما تسميها (قصص نجاح) لمقاولين مستقلين أمريكيين، مثل شركة تدعى آيه تي حققت أرباحا عام 2006 تجاوزت 35 مليون دولار.. من ماذا؟ تدرب الناس على أساليب تجنب المفخخات والألغام... وطبعا فكلمة الناس هنا لا تشمل المدنيين العراقيين!!
هذه فكرة بسيطة عن حرب تحرير العراق التي يبدو أنها ستصبح أكبر عملية نهب وسرقة منظمة عرفتها البشرية!
كنت سأختم بالقول: أليس هؤلاء هم سرّاق التاريخ، لكن مهلا.. إنهم يسرقون كل شيء!! كل شيء