أطعمنيّ ايها التاجر الجشع ..
10-04-2008 03:00 AM
أطعمنيّ .. ألا أستحق لقمة يا هذا .. وأنا العصفور المغردّ في هذا الوطن ؟!!
أشلائي مبعثرة في كل سنتيم من أرض أجدادي ، وأنت غير مهتم لهذا الوشم المرسوم في حدقة عيني .. فأشلائي من صنع يديك ، وأنت صُنع أشلائي .
.. هل جئت تغريني بحبة قمح بعدما سرقت البيدر من بين يدي ؟!أطعمني يا هذا ..
فهذا الوجع يقتلني .. والخوف من القادم أوجّع .. ها أنذا سجنت جناحي في فمي ، فما لي وما للحرية .. ما دامت حبة قمحك هي سجني !
أتنفس جوعا .. وأنام جوعا .. واستيقظ جوعا .. وما للجوع سوى عطفك ، وعطفك جائع العطف كدالية عاقر ما بها قطف .
وأنت القادم من القادم .. من مستقبل يُسمُوه عندنا ماض ٍ .. فقد قطعت بحورا وبحورا ، لتزرع فينا حب الآخر .. وحينما بحثنا عنه لم نجد ، في الدنيا آخر غيرك .
جئت غريبا تحمل كيس " البرغر " على ظهرك .. فأودعناك " براغرنا " .. من صحن العدس الى المنسف ..
فتركتنا جوعى ، بلا مرعى ، كبغال اليونان الحمقى .. تحمل " السواح " على ظهورها عرايا من الشاطىء الى الجبل ، ومن القلعة الى المرسى .. دون ان يعلفها صاحبها ، أو تأكل من قمامة الزائر ، فقد قتلتها ثقافة العيب والتقوى .
هيـــــــه .. أطعمني يا هذا ..
فهذه ملايين الأفواه تناديك : أطعمنا مما أطعمناك ، ولا تجعلنا لعنة تطارد مستقبل أطفالك .. أو تجلس عجائزنا تدعو عليك ولا تدعو لك .. وتصرخ كرامتنا في وجهك قائلة : تبت يديك ، فسعري ما عاد يعادل بنطالك ..
فأنت لولا هذه العصافير التي تبكي أعشاشها ، ما كنت العبد الأغلى لقرشك .
يا هذا .. يا أنت .. يا تاجر .. إن الجوع كافر ..
علمتنا كيف نأكل مما صنعت يديك .. ونسينا كيف نزرع بأيدينا .. فما عاد ربيع في حقلي ، لأن سحابك لا يمطر.
أطعمني يا هذا ..
فأنا وأهلي أحياء بلا روح .. وهذا البيت مستأجر .. وهذه ليست حياتنا ، بل إننا نعيش في البرزخ ، فاومئ لنا
وارفع يدك عن لقمة خبزي ايها التاجر الجشع .