تتردد معلومات ، لها اصل ، ان هناك مستثمرين ، يريدون تارة شراء الجامعة الاردنية ، بعدة مليارات الدولارات ، واخرين يريدون شراء المدينة الرياضية ، ببضعة مليارات ، واخرين ايضا يريدون شراء مؤسسات اخرى ، وغدا سنسمع عمن يريد شراء المطار ، او ارض الميناء ، وهكذا تتوالى محاولات ، من جانب المال العربي والاجنبي لشراء ملامح وطنية لها تاريخها ، للاستفادة منها بشكل او باخر.
لا يوجد بلد في الدنيا ، يفكر او يقبل مجرد التفاوض ، لشراء مثل هذه المرافق والمؤسسات ، ايا كان وضعه الاقتصادي ، واذا كان الانطباع العام الذي خلقه بعض العاملين في مجال تشجيع الاقتصاد ، والترويج للمزايا الاقتصادية او السياحية او الاستثمارية ، وما خلقه بعض الوزراء ذات يوم ، من انطباعات امام مستثمرين عرب ، من ان كل شيء جاهز للبيع ، وكل ما يهم الاردن ، هو ان يتم دفع مبالغ مالية ، وبعدها يمكن التخلي ، عن اي شيء ، هو امر مؤسف ، وكيف لا يكون مؤسفا ، والمستثمر يرى الوزير السابق ، او المدير السابق ، يتوسل علنا او الماحا ، من اجل وظيفة لدى المستثمر ، لدى خروج المسؤول من موقعه ، وكيف لا يكون مؤسفا ، والمستثمر يعتقد ان كل شيء قابل للبيع والشراء ، وان الاردن فقير الى الدرجة التي لن يجد فيها مسؤول يقول له .."لا" بل سمعت مستثمرا عربيا قال لي خارج الاردن ، أنه جاء الى الاردن ليستثمر ، وما من مسؤول الا واعطاه رقم هاتف ، غير رقم هاتفه الوظيفي ، للتواصل ، بعيدا عن عين السلطات.
الترويج ، لمجرد الترويج ، لبيع قطاعات مثل الجامعة الاردنية ، او المدينة الرياضية ، وغيرهما من مؤسسات ومرافق ، هو امر مرفوض تماما ، وعلى المسؤولين لدينا ، ان يحددوا بشكل واضح ، الفرق بين الاستثمار ، وبين شراء رموز تعليمية واقتصادية وطبية وسياحية ، فغدا ، قد يأتي من يشتري البتراء ذاتها ، بذريعة الاستثمار ، وسنجد من يقول للمستثمر اهلا وسهلا ، وان جده هو الحارث الثاني ، ملك النبطيين ، وان شراء البتراء ، هو امر حيوي للاقتصاد الاردني.
من المؤسف ، ان يتم خلق هذه الانطباعات ، فكل مستثمر يرغب بالاستثمار في الاردن ، اما حانق جراء عرقلة معاملاته ، وكثرة "القرابين" الواجب تقديمها ، في غير موقع ومكان ، واما منتفخ الاوداج والخدود ويعتقد ان كل شيء في الاردن قابل للشراء ، حتى وصل الامر بكثرة تظن ان بامكانها في فترة ما شراء جامعة مثل الجامعة الاردنية ، التي هي ام الجامعات الاردنية ، وقيمتها المالية والتعليمية والمعنوية ، لا تقدر بثمن جراء سمعتها الاكاديمية وتاريخها ، ومن يخطط لشراء الجامعة الاردنية ، يريد فعليا تحويلها الى جامعة خاصة ، تحرق وجوه الناس برسومها ، وتصبح ملعبا لمن يدفع رسوم اكثر ، بدلا عن من هو معدله اعلى ، والامر ينطبق على بقية المؤسسات التي يراد محوها عن خريطة البلد ، وتحويل مواقعها الى بنايات وابراج وفلل استثمارية ، نحو تحويل البلد كله الى "شاليه" سياحي في المنطقة.
علينا ان نتخلص من اثار اعتقاد كثرة ، في الخارج ، ان كل شيء ، قابل للبيع في الاردن ، وان الاختلاف والخلاف يكون حول السعر ، وليس المبدأ.
m.tair@addustour.com.jo
عن الدستور .