ولنا في مولد سيد الخلق عبرة
جهاد المحيسن
04-01-2015 03:26 AM
وُلِدَ الهُدى فَالكائِناتُ ضِياءُ
وَفَمُ الزَمانِ تَبَسُّمٌ وَثَناء
الروحُ وَالمَلَأُ المَلائِكُ حَولَهُ
لِلدينِ وَالدُنيا بِهِ بُشَراءُ
وَالعَرشُ يَزهو وَالحَظيرَةُ تَزدَهي
وَالمُنتَهى وَالسِدرَةُ العَصماءُ
وَحَديقَةُ الفُرقانِ ضاحِكَةُ الرُبا
بِالتُرجُمانِ شَذِيَّةٌ غَنّاء
وَالوَحيُ يَقطُرُ سَلسَلاً مِن سَلسَلٍ
وَاللَوحُ وَالقَلَمُ البَديعُ رُواءُ
نُظِمَت أَسامي الرُسلِ فَهيَ صَحيفَةٌ
في اللَوحِ وَاِسمُ مُحَمَّدٍ طُغَراءُ
ياخَيرَ مَن جاءَ الوُجودَ تَحِيَّةً
مِن مُرسَلينَ إِلى الهُدى بِكَ جاؤوا
(من قصيدة أحمد شوقي ولد الهدى فالكائنات ضياء).
نحتفل هذه الأيام بمولد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، دون أن نلتقط من هدي الرسول سوى القشور، ولكن جوهر سيرته الإنسانية والدينية، غابت في المجمل عن حياتنا وتم التعاطي مع الدين وصاحب الدعوة بما يخدم فئات محددة يجري فيها توظيف سيرته وأحاديثه لأهداف تخدمهم وهم في واقع الحال ليسوا من الرسول الكريم ولا يلتزمون بدعوته.
والمثير في قصة الحب المزعومة تلك أنها ليست وليدة اليوم ولكنها تلازمه من لحظة انتقاله إلى الرفيق الأعلى عليه الصلاة والسلام، وهذا التوظيف البشع لسيرته وسنته الكريمة كلفنا حماما من الدم على مر القرون ولعل أبشعها التي تحدث في عالمنا اليوم، حيث القتل يجري بدم بارد وبأبشع الطرق والحجة الكاذبة أنهم يسيرون على نهج سيد الخلق.
الكل يحرّم ويحلل ما يريد والدعوة الباطلة التي يستندون اليها أنهم يسيرون على طريق سيدنا محمد عليه السلام، كتب التراث تعج بالكثير من الكذب على لسانه الكريم ، وهؤلاء لم يخجلوا من الكذب عليه وعلى سيرته العطرة، ومشروعه الإنساني والديني الذي يرتكز على ما سبقه من رسل وأنبياء، فسيد الخلق ليس حكراً على أحد أو جماعة أو طائفة أو مذهب، سيد الخلق أرسل إلى البشر كافة، وبعث ليتتم مكارم الأخلاق التي ضيعناها، وضعنا معها.
عندما ترى مشهد المسلمين الذي يرفل بثوب التبعية والتخلف، يصيبك الأسى عندما تتذكر المولد النبوي الشريف، كيف قاد هذا النبي الملهم الناس إلى الله بالحب، وإلى مكارم الأخلاق بنبذ العنف، نحن في عالم اليوم أبعد ما نكون عنه وعن سيرته الكريمة، عدنا قبائل متناحرة والكل يدعي وصلا بليلى، ونوظف النصوص لنشر الفوضى والخراب والتخلف بحجج سنة الرسول الكريم.
هذه الإدعاءات الكاذبة آن الآوان لدحضها لأنها تسيء لسيرة الرسول والإسلام، فلم يعد من الممكن في هذا الزمان الذي "استنسرت فيه بغاث الطير"، على سيرة الرسول العطرة ووظفتها لخدمة السلطة الدينية والسياسية ونشر ثقافة الموت، أن تستمر في هذا الزمن الصعب الذي احتل فيه الإسلام من قبل أعدائه وأهله على حد سواء.
(الغد)