كنت امازحه قائلاً انا لا اعرف أحداً في الاردن او عمان يحمل جبل من جبالها اسم جده الا انت.. فحي نزال سمي باسم جدك يا علاء..
علاء رجل ياخذ الاشياء بجدية مفرطة.. وهو يضحك بقدر .. ويتحدث بقدر.. ولا يقول شيئاً لا يحتوي على فكرة ومقصد.. يلاحقك علاء بلا هوادة عندما يشعر بانك غير مدرك لمقاصده.. ولا يرتاح الا اذا اقتنع بانك احسنت فهمه.. له شخصية فيها من النزاهة والصدق والاستقامة ما يفيض على كل من هم حوله...
بعد ان حاز على درجة في القانون وباشر المحاماة تابع شغفه وتعلقه بالادب واللغة فحصل على الماجستير في اللغة العربية ليصقل شاعريته التي لا يعرفها الكثيرون.
في عام 2006 وكنت وقتها وزيرا في حكومة الدكتور البخيت وعضوا في اللجنة القانونية جاء علاء العرموطي يرافقه الوفد الاوروبي ليقنعنا بفكرة انشاء ديوان للمظالم في الاردن.. واجتمعنا في وزارة العدل..
وكان هو الوحيد المؤمن بالفكرة والمخلص لها وقد عارضتها اللجنة القانونية آنذاك وكنت واحداً منهم.
فيما بعد وبايحاءات من مصادر غير اللجنة تحول الجميع ليدعم الفكرة التي اصبح الكل اباً لها الا الاب الحقيقي الذي لم يجد المهادنة والدهلزة.
فتجسدت الفكرة التي اخذت بالتجربة الدنماركية وليست اليونانية.. وجاء رئيس.. تلاه رئيس آخر للديوان وبقي علاء العرموطي في الظل يشرح الفكرة.. ويسهب في توضيح مزاياها ويحرص على ان يقف الديوان ضد كل اشكال التمييز وليس التميز كما كان يقول البعض في محاضراتهم.
في الاونة الاخيرة رأى بعض المنظرين ان لكلمة مظالم ايحاءات قريبة من الاتجاهات الاسلامية التي تجتاح العالم العربي هذه الايام وظنوا ان تغيير المسمى اصبح استحقاقا لفك ارتباط المفهوم بدلالات تستخدمها الحركات الجديدة ويخدم طروحات اللجنة الوطنية للنزاهة..
ربما ان في ذلك وجهة نظر... لكن ذلك لا يعني الاطاحة باشد المتحمسين لثقافة الانصاف قولا وعملا.. واكثرنا استيعابا للفكرة وتعلقا بها..
وحتى وان ارادت الدولة ان تغير شخص فينبغي ألا يتم ذلك على هيئة الانقلاب؛ فالدولة يجب ان تحترم ابناءها وتبلغهم قراراتها.. وألا يسمعوها عبر المواقع.. وكأنهم غير موجودين...
كان علاء يدير الديوان لفترة تزيد على العام بعد ان تقاعد الرئيس.. وقيل له ان هناك فكرة لتغيير المسمى ليتناسب مع اجندة النزاهة.. ليسمع وبالتزامن مع ما نشر في المواقع ان معالي نوفان العجارمة سيقوم بمهام رئاسة الديوان بالاضافة الى مهام ديوان التشريع.. وما من شك بقدرات ونزاهة معالي الرئيس المكلف الا ان التعسف في التعامل مع العاملين في ديوان المظالم والذين وجدوا ليستجيبوا لشكاوى المظلومين اكثر مرارة من اي شكوى ومظلمة... ويحيلنا الى بيت الشعر القائل" طبيب يداوي الناس وهو عليل" فقد عانى مستقبل الشكاوى مما عانى ويعاني منه الكثيرون من اصحاب الشكاوى...
ما حصل مع علاء مثال لما يعانيه الموظف العام في بلادنا حيث يمسي مديرا ويصبح مراجعا ليعاني ما يعانيه المراجعون.
لا اظن ان علاء واحساسه الطافح بالكرامة كان يتوقع ما حصل له.. لكن كما قال حبيب الزيودي رحمه الله "هذي بلدنا ما نخون عهودها...".
تحية لعلاء اسماعيل العرموطي.. وقيم الصدق التي لاتتهاوى تحت وقع الحاجة.. واغراءات الاستزلام..