لا تكتفي الفضائيات والصحف في التذكير بما جرى في العام الفارط، كما يقول المغاربة، فهناك هوس لبناني بالتنبوء بما سيكون عليه لبنان ومحيطه.. من سيدات وأساتذة يقرأون المستقبل، وبأعداد ليست قليلة تتوزع على أجهزة الإعلام: فهناك سيدة تحتكرها «النهار» وأستاذ متأنق تحتكره قناة mtv، وأخرى شقراء بالصبغة لها رموش طويلة تقرأ المستقبل في أكثر من صحيفة وقناة. فالمهم في لبنان هو افتعال حالة أمل تأخذ الوطن الجميل المتعب من يده الى حيث شواطئ الأمان، وتلوح المتعة على الجبال الشاهقة، والعزّ الذي شهده لبنان.. أيام اللولو!!.
عندنا في الأردن قليل من الاهتمام بالسنة الجديدة، فهذا الغضب الذي تلبس الناس لا يحب التعامل بالأمل في قادم الأيام.. لا يحب أن يكون هناك انفراج. وهو رافض لكل شيء، مشكك بكل شيء!!.
هذا الحال الأردني ليس من السهل تغييره باشاعة الوعي بخطورة المرحلة، وباقناعه بأن أحوال سوريا والعراق قابلة للامتداد الى بيوتنا وشوارعنا وفي النهاية يصل الناس الى القناعة بأن هذا الغضب جبان.
وان هؤلاء الغاضبين قد يتجمعون كل يوم جمعة أمام مساجد المدن اسغلالا لمشهد الاعداد الكبيرة الخارجية من الصلاة.. لكنهم بعد ذلك يسرعون الى البيت، ويملأون أشداقهم وبطونهم بالكوسا المحشي وورق الدوالي.. ويأخذون غفوة بعد الظهر.. استعداداً لندوة، أو مهرجان في المساء يلبسون فيه وجوه الغضب!!.
كيف بدأ الشباب في مصر يتجمعون في ميدان التحرير؟!. كيف استطاعوا خلق طهر التمرد على السلطة واشاعته بين الناس؟ ثم كيف انتهت الثورة باستقالة رئيس الجمهورية، ونزول الجيش الى الشارع؟!.
وكان وقتها يمكن لروح مصر ان تعود اليها، لكن قوة التنظيم الاخواني، والمال الكثير، والخبرة في التكتيك الحزبي اوقع كل شيء في يد الجماعة فكان كل البرلمان.. كله منهم، ومن اشباههم. ونجح رئيس منهم. ولم يكن من السهل الاطاحة بنظام الاخوان وما تزال مصر تعاني.
لم يكن هناك هذا النوع الذي نتحدث عنه من الغضب في سوريا غضب الناس فتظاهروا، وحين كثر القتل بين المتظاهرين حملوا السلاح. وفي العراق تمزق الناس الى شيع وطوائف، فقتلوا بعضا بعد ان دمرهم الاجنبي. وصار العراق ثلاثا ثم خرجت عليهم داعش، وفي كل الاحوال لم يكن الغضب هو الذي صنع كارثتهم.
في العام الجديد ستشهد في الاردن استمراراً لحالة الغضب، وسنشهد، بعد وقت قصير، انحساره لأن حامل «الهوى» تَعِبُ!!.
(الرأي)